صنعاء | في أعقاب تزايُد مؤشّرات انهيار الهدنة في اليمن، عاد الوفد السلطاني العُماني إلى صنعاء، برفقة رئيس وفد «أنصار الله» المُفاوض، محمد عبد السلام، منعشاً الآمال بإمكانية التوصّل إلى اتّفاق على تمديد الهدنة وتوسيعها، واستكمال تنفيذ بنودها المتعثّرة، خصوصاً لناحية صرف المرتّبات، وفتح الطرقات، ورفع القيود المفروضة على ميناء الحديدة ومطار صنعاء. وبحسب المعطيات المتوافرة إلى الآن، فإن الوفد العُماني حَمل مقترحات قابلة بالفعل للتحوّل إلى حلول في ما يتعلّق بالملفَّين الأخيرَين، فيما يبقى الملفّ الأوّل، أي المرتّبات، رهين محاولات التحايل عليه. ومع هذا، فإن هذه الحركة الديبلوماسية قوبلت بتشكيك من قِبَل نشطاء يمنيين، طالبوا قيادة صنعاء بعدم تكرار الأخطاء السابقة، والموافقة على هدنة هشّة لا تنعكس تحسّناً في حياة اليمنيين على أرض الواقع، خصوصاً أن الأسواق المحلّية تعيش حالة ركود حادّ منذ سريان وقف إطلاق النار في الثاني من نيسان الماضي، وذلك بفعل غياب خطوات الإنعاش الجادّة والحقيقية.
الحركة الديبلوماسية الأخيرة قوبلت بتشكيك من قِبَل نشطاء يمنيين

وكان شدّد عبد السلام، في تصريح صحافي عقب وصوله إلى صنعاء، على ضرورة إحداث تقدّم في الملفّ الإنساني بوصْفه مدخلاً أساسياً للانتقال إلى الملفّات الأخرى، داعياً إلى تحييد قضية المرتّبات عن الصراع، ومتّهماً التحالف السعودي - الإماراتي بـ«عدم الجدّية»، و«الاكتفاء بإطلاق وعود لا أثر لها»، ولا يُعلَم متى يبدأ تنفيذها ومن أين. وعلى رغم الثناء اليمني على الدور العُماني، إلّا أن مراقبين قلّلوا من قدرة مسقط على تحقيق الاختراق المطلوب، في ظلّ استمرار تشدّد الموقف الأميركي، خصوصاً في ما يتّصل بمطلب صرف مرتّبات الموظفين كافة، والذي ترفضه واشنطن بدعوى إمكانية إسهامه في تمويل المجهود الحربي لـ«أنصار الله». وبحسب مصادر مطّلعة في صنعاء تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن الوفد العُماني حَمل مقترحاً من «التحالف» لمعالجة قضية المرتّبات على مرحلتَين: يتمّ في أولاهما صرْف معاشات المدنيين، وفي الثانية المحدَّدة بستّة أشهر دفْع أجور العسكريين. كذلك، تضمّنت المقترحات توسيع وجهات الرحلات الجوّية من وإلى مطار صنعاء إلى خمس بدلاً من واحدة، وفتْح عدد من طرقات مدينة تعز بالتزامن مع فتح الطرقات الرابطة بين المحافظات الواقعة تحت سيطرة الأطراف الموالية لـ«التحالف» وتلك الخاضعة لسيطرة صنعاء، إضافة إلى تخفيف القيود على ميناء الحديدة وتسهيل حركة دخول سفن الوقود إليه. لكن بحسب التقديرات السائدة في صنعاء، فإن ما يدور الحديث عنه إلى الآن لا يعدو كونه استمراراً لديناميات المفاوضات السابقة التي أخفقت في الدفْع نحو اتّفاق، ونُظر إليها من قِبَل «أنصار الله» على أنها محاولة لتثبيت تهدئة هشّة، وترحيل التسوية النهائية إلى أمد غير معلوم.