القاهرة | لم يكن على أجندة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الزائر للولايات المتحدة، أيّ لقاء يجمعه إلى نظيره جو بايدن، على هامش القمة الأميركية - الإفريقية التي اختُتمت مساء الخميس. وعلى رغم محاولات وزارة الخارجية المصرية ترتيب لقاء يجمع الرئيسَين، إلّا أن ضيق الوقت ووجود عدد كبير من القادة الأفارقة شكّلا معاً مبرّراً لاعتذار البيت الأبيض عن عدم عقد القمّة المذكورة. مع هذا، احتفى الإعلام المصري بمصافحة عابرة بين السيسي وبايدن لم تستغرق سوى ثوانٍ قليلة، علماً أنه أجرى مناقشات موسّعة مع مسؤولين آخرين، من بينهم وزيرا الخارجية والدفاع: أنتوني بلينكن ولويد أوستن.وفي محاولتها المعتادة لتحسين صورة السيسي في كل زيارة خارجية يقوم بها، استعانت الأجهزة المصرية بعدد من أبناء الجالية المقيمين في واشنطن لاستقبال الرئيس أمام الفندق، وجرى استئجار سيارة تَحمل صورته وتُرافق تحرّكاته. ولم تَخلُ الزيارة، على أيّ حال، من بعض اللقاءات غير المعلَنة التي عقدها السيسي مع مسؤولين اقتصاديين في «صندوق النقد الدولي»، والتي تطرّقت خصوصاً إلى القرض الجديد البالغة قيمته ثلاثة مليارات دولار، وفيها أكد الرئيس المصري عزْم بلاده على تنفيذ جميع ما يطلبه الصندوق من إجراءات، لكن بشكل تدريجي وبما تسمح به طبيعة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. وحاول السيسي، خلال لقاءاته التي شملت مسؤولين اقتصاديين أميركيين، طلب دعْم واشنطن لتمرير القرض من دون عوائق، على رغم عدم تنفيذ الحكومة المصرية كل ما طُلب منها لتحقيق «الاستقرار»، ولتجنُّب خلْق «فوضى» ستكون لها انعكاسات سلبية على المنطقة، في ظلّ التلويح بعدم قدرة القاهرة على التعامل مع تحدّيات الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ومكافحة الإرهاب في الوقت نفسه. ولم يُقدّم السيسي لـ«الصندوق» أو للمسؤولين الأميركيين الذين التقاهم أيّ وعود بحلول جذرية، لكنه رهن استمرار نظامه الاقتصادي بمواصلة تحقيق الأمن والاستقرار في مصر وضمان عدم وصول المتطرّفين إلى السلطة وتهديد أمن إسرائيل، إلى جانب تأكيده فتح أسواق البلاد أمام المستثمرين والشركات الأميركية من دون قيود وبتسهيلات تضمن تحقيق عائد مادي مجزٍ.
أجرى السيسي مناقشات موسّعة مع وزيرَي الخارجية والدفاع: أنتوني بلينكن ولويد أوستن


وفي ما يخصّ أزمة «سد النهضة»، لم يَلمس السيسي أيّ تطوّر بخصوص الوساطة الأميركية التي طلبها، سوى عبارات إنشائية تدعم الحلّ التفاوضي، فيما عقد وزير الخارجية سامح شكري، ومدير المخابرات اللواء عباس كامل، لقاءات مع مسؤولين أميركين تطرّقت إلى أهميّة الموضوع وخطورة استمراره من دون حلّ. وعلى رغم أن الوساطة الأميركية في الأزمة ليست جديدة ومستمرّة منذ إدارة دونالد ترامب، إلّا أن السيسي لم يحصل على وعد بإجراءات تُجبر أديس أبابا على العودة إلى طاولة المفاوضات، على أن يبقى الأمر معلّقاً حتى بدء موسم التخزين في بحيرة السدّ الصيف المقبل. كذلك، بات الموقف السوداني بعيداً بدرجة ما عن الموقف المصري، في ظلّ المتغيّرات الأخيرة في الخرطوم، وتحفّظ القوى المدنية إزاء موقف النظام المصري الداعم للمكوّن العسكري.