القاهرة | تكثّفت التحرّكات الليبية، خلال الأيام الماضية، مدفوعةً خصوصاً بموقف مصر الداعم للتوصّل إلى تسوية سياسية بالتعاون مع المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، وأطراف داخلية تسعى إلى إقصاء رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، عبد الحميد الدبيبة، الذي وصل إلى تونس، أمس، في مستهلّ زيارة تحظى بدعم جزائري، وبمساندة من حلفائه الغربيين. وتُعدّ زيارة الدبيبة هذه، والتي سيلتقي خلالها الرئيس قيس سعيد، الأولى من نوعها منذ تحفّظ الأوّل على الإجراءات التي اتّخذها الأخير. وأكد الدبيبة أن زيارته التي يصطحب فيها وفداً رفيع المستوى يضمّ رؤساء الأجهزة الأمنية ومحافظ المصرف المركزي ورئيس ديوان المحاسبة، جاءت تلبيةً لدعوة الرئاسة التونسية، لمناقشة الملفّات الاقتصادية. وعلى رغم انحياز تونس إلى الموقف المصري بفعل الترتيبات المتواصلة مع القاهرة في ملفّات عدّة، من بينها الليبي، إلّا أنها تتأمّل من وراء حيادها الظاهري إزاء الدبيبة وحكومته، تعميق التعاون الاقتصادي مع الجانب الليبي للتخفيف من وطأة الضغوط الاقتصادية عليها، وأيضاً التنسيق معه لوقْف عمليّات التسلّل عبر الحدود.في هذا الوقت، تسعى القاهرة، عبر وزير خارجيتها سامح شكري، إلى الدفع نحو تبنّي خريطة طريق جرت مناقشتها باستفاضة مع باتيلي الذي يزور مصر. وتُشدّد الأخيرة على أنه لن يتمّ التوصّل إلى حلّ من دون احترام شرعية المؤسسات المنتخَبة، في إشارة إلى مجلس النواب الليبي، الذي سَحب الثقة من حكومة الدبيبة ومَنحها لحكومة فتحي باشاغا. وفيما تتحدّث القاهرة عن أهميّة الاتفاق على جدول زمني لإخراج جميع القوات الأجنبية من الأراضي الليبية، في إشارة إلى المرتزقة المسلّحين الذين وصلوا عن طريق تركيا، فإن ثمّة مخاوف من عدم قدرة اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» على تنفيذ هذا المطلب، الذي يُعدّ من أهمّ القرارات المتّفق عليها في الأمم المتحدة حول ليبيا. كذلك، تجتهد مصر في تحقيق توافق أوّلي يمكن البناء عليه، بين رئيس البرلمان عقيلة صالح، ورئيس «المجلس الأعلى للدولة» خالد المشري، واللذَين وصلا إلى القاهرة لاستكمال اجتماعاتهما المشتركة، الهادفة، أساساً، إلى الاتفاق على مسار سياسي يقصي الدبيبة بشكل كامل خلال الفترة الانتقالية، مع منْحه حقّ خوْض الانتخابات الرئاسية.
يخالف استقبال تونس للدبيبة التزامها الحياد في الأزمة الليبية


ويقتضي المسار السياسي المصري الداعم للحكومة الموازية والمدعوم مغربيّاً وخليجيّاً بشكل كبير، تسلّم باشاغا السلطة ومباشرته مهامّ انتقالية، وإجراءه تغييرات في المناصب السيادية لن تكون ممكنة قبل الاتفاق بين رئيسَي البرلمان و«المجلس الأعلى للدولة»، وأخيراً إجراء الانتخابات قبل نهاية عام 2023. ومع عودة الخلافات المرتبطة بشروط الترشُّح للانتخابات الرئاسية إلى الواجهة، عكس حديث الدبيبة عن أهميّة وجود حوار وطني مشترك كبديل لـ«الصفقات المشبوهة»، تخوّفه من تَحقّق السيناريو المُشار إليه، الذي انتقده قبيل وصوله إلى تونس، في لقاء نظّمه مع منظّمات المجتمع المدني. واتهم الدبيبة البرلمان و«الأعلى للدولة» بعدم الرغبة في إجراء الانتخابات وعرقلة القوانين التي يُفترض أن تُقرّ من أجل ذلك، معتبراً أن الطبقة السياسية الحالية تسعى وراء التمديد لنفسها، ومن ثمّ تعطيل المسار الانتخابي والسياسي.