غزة | كثيراً ما يثارُ في أوساط حركتَي «حماس» و«فتح»، الحديث عن الدور الذي لعبه الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، في تحريك المقاومة المسلّحة خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وسط شهادات تشير إلى توجيه من أبو عمار، في إحدى مراحل الانتفاضة، بغضّ الطرف عن «حماس» لتتمكّن من تنفيذ عمليات فدائية، فضلاً عن إرسال الراحل أموالاً إلى شخصيات قيادية في الحركة لتنفيذ عمليات في بداية الانتفاضة. وتُفيد معلومات حصلت عليها «الأخبار» من شخصيات «حمساوية» و«فتحاوية» بأن عرفات قدّم، بالفعل، على رغم الاختلاف في النظرة إلى العمل المسلّح بين الحركتَين، دعماً للجناح العسكري لـ«حماس»، لاعتقاده بأن اشتداد المقاومة سيدفع إلى تحريك المسار السياسي من جديد، والقبول بالمطالب الفلسطينية، وبدء مفاوضات الحلّ النهائي وإعلان الدولة الفلسطينية، على عكْس «حماس» التي كانت ترى أن نهج المفاوضات خاطئ من أساسه، وأنه يتعارض مع مصالح الشعب الفلسطيني وحقّه في كامل أرضه.وبدأت الاتصالات بين الراحل و«حماس» عام 2000، بعد عودته خالي الوفاض من «قمّة كامب ديفيد»، وتنصُّل دولة الاحتلال والولايات المتحدة من مطلب إقامة دولة فلسطينية وتسوية الوضع النهائي، وأيضاً بعدما تعرَّض لتهديدات شديدة اللهجة من الإدارة الأميركية وعدد من الرؤساء العرب. والتقى أبو عمار، ابتداءً، شخصيات محسوبة على الحركة، كانت قد شكّلت حزباً سياسياً أُطلق عليه حينها «حزب الخلاص الوطني»، وناقش معها فشل «كامب ديفيد»، واقتحام شارون للمسجد الأقصى، وانطلاق انتفاضة الأقصى الثانية. حينها، أبلغ عرفات، قيادة «حماس»، بموافقته على التحرّك العسكري ضدّ الاحتلال من جميع الفصائل. وبقرار منه، أوْقف القبضة المشدَّدة التي كانت تفرضها الأجهزة الأمنية ضدّ «الحمساويين»، فيما تمّ الإفراج عن عدد من قادة الحركة وعناصرها.
بدأت الاتصالات بين عرفات و«حماس» عام 2000، بعد عودته خالي الوفاض من «قمّة كامب ديفيد»


أدّى ذلك إلى انفتاح خطوط تواصل وصداقة بين عناصر من «حماس» و«فتح»، وهو ما مكّن الأولى من شراء السلاح والذخيرة من عناصر الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة. أيضاً، أوعز عرفات، في نهاية عام 2001 ومطلع عام 2002، بحسب المعلومات، إلى بعض الشخصيات المسؤولة في «كتائب شهداء الأقصى» في الضفة الغربية، بتوفير سلاح ومال لخلايا تابعة لـ«حماس»، لتنفيذ عمليات فدائية تفجيرية كبيرة داخل المدن المحتلّة، كنوع من الضغط على دولة الاحتلال و«المجتمع الدولي»، للاستجابة لمطالبه، على رغم أن أبو عمار كان في العلن يُصدر تصريحات يدعو فيها إلى وقف الانتفاضة والعمليات الفدائية. وبحسب شهادات أدلى بها عيسى النشار، أحد مُؤسِّسي حركة «حماس»، فقد ساعد عدد من رجال الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، بداية الانتفاضة الثانية، الحركة، على استحصال السلاح والذخيرة، عن طريق صداقات شخصية بين شبابها وأفراد الأجهزة. وفي الاتّجاه نفسه، أكد نائب قائد «حماس» في غزة، خليل الحية، في مهرجان فصائلي عام 2017، أن عرفات احتضن المقاومة وأوعز بتقديم الدعم لها .
وفي نيسان الماضي، أفادت صحيفة «هآرتس» العبرية بأنه أميطَ اللثام في الجيش الإسرائيلي عن مجموعة من الوثائق والملفّات الفلسطينية الرسمية والإسرائيلية الاستخبارية، تُبيّن، أن الرئيس الفلسطيني الراحل دعم بشكل مباشر العمليات المسلّحة، وعمِل عبْر عدد من القادة الميدانيين في «فتح» على تمويل هذه العمليات وتشجيعها، وساند عمليات فصائل أخرى مُنافِسة له (حماس) بغرض ممارسة الضغوط على حكومة الاحتلال.