القاهرة | على رغم أنها ليست المرّة الأولى التي تخرج فيها دعوات للتظاهر، تتعامل الحكومة المصرية مع احتمال خروج تظاهرات احتجاجية في الـ11 من تشرين الثاني المقبل بالتزامن مع انعقاد قمة المناخ في شرم الشيخ، بجدّية غير مسبوقة، خصوصاً أنها تأتي في ظلّ أزمة اقتصادية حادة، وارتفاع هائل في الأسعار. انتشار الدعوات للتظاهر والتعليمات الأمنية المبكرة بإلغاء جميع الفعاليات والاحتفالات الخاصّة في هذا التاريخ، جاء مترافقاً مع استنفار أمني استثنائي، وتعليمات للمقاهي بالإبلاغ عن أيّ شخص يدعو للمشاركة في هذه التظاهرات. وتجلّت خشية النظام في عرْض لقطة لمواطن على قناة «إكسترا نيوز» الحكومية، يؤكد فيها أنه لن ينزل إلى الشارع بسبب قرارات الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة بزيادة الرواتب. لكن اللقطة التي أُذيعت مرّات محدودة قبل أن تُحذف، تعكس خروج دعوات التظاهر من حدود القاهرة لتصل إلى الريف والقرى، في خطوة لم تكن تحدث من قَبل، ويُنظر إليها الآن بحذر شديد.وعلى رغم نشاط القنوات التابعة لـ«الإخوان المسلمين» عبر مواقع التواصل الاجتماعي، للحثّ على التظاهر، إلا أن الغضب الشعبي المكتوم بفعل غلاء المعيشة، وتخفيض قيمة الجنيه، بات يؤرّق النظام. فعلى المستوى الإعلامي، تَنشط الحكومة لإبراز الإنجازات والحديث عن الأزمة العالمية التي عَرقلت نهوض مصر ومنعتها من جنْي ثمار الإصلاح الاقتصادي، توازياً مع تحميل الزيادة السكانية مسؤولية التهام عائدات النمو من جهة، وتحميل العمالة الزائدة في مؤسّسات الدولة غير المؤهلة مسؤولية البيروقراطية التي تعيق النمو الاقتصادي. وعلى المستوى الأمني، أصبحت حواجز الشرطة تفتّش في السيارات عن أيّ لافتات معارضة، فيما تطاول عمليات التفتيش الذاتي الشباب، بما يشمل إظهار بطاقات الهوية والبحث في الهواتف المحمولة، وهو ما أصبح أمراً لافتاً ليس فقط في منطقة وسط القاهرة وميدان التحرير، ولكن أيضاً في الميادين الكبرى.
الغضب الشعبي المكتوم بفعل غلاء المعيشة، وتخفيض قيمة الجنيه، بات يؤرّق النظام


ويرتبط جزء من انزعاج النظام من الدعوات إلى التظاهر تزامناً مع قمة المناخ، باحتمال تأثيرها السلبي في الحدث وسمعة النظام أمام الوفود الدولية؛ أما الجزء الآخر، فمرتبط باستقرار النظام والذي يبدو أن التعديلات التي بدأ تطبيقها وسيقوم بتوسيعها في الأشهر المقبلة، لن تكون كافية لإرضاء جميع الأطراف. وبحسب مصادر «الأخبار»، فإن يوم الـ11 من تشرين الثاني، سيشهد استنفاراً أمنياً، حيث جرى تجهيز غرفة عمليات كاملة ستتيح لوزير الداخلية الذي سيتواجد في شرم الشيخ، متابعة ما يحدث في الميادين المصرية المختلفة. وأشار المصدر إلى أن كاميرات المراقبة التي وُضعت لمراقبة الحركة المرورية بشكل أساسي، سيتم تفريغها بشكل دوري استباقاً لأيّ تحرّكات غير متوقعة وتفريقها قبل الوصول إلى الأماكن المستهدَفة. ووفق المصدر، فإن خطّة أمنية جرت مراجعتها بين وزير الداخلية ومساعديه تضمّنت ضرورة عدم استخدام العنف والقوّة في حال ظهور تجمّعات، لعدم نشر أيّ فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر عنف رجال الشرطة، مؤكداً أن كل الإجراءات مكفولة للمساعدين لاتخاذ ما يَلزم من إجراءات لمنع التجمهر بما في ذلك احتجاز بعض الشخصيات لأيّام قبل هذا التاريخ وبعده. وتعتزم الأجهزة الأمنية مخاطبة بعض الأشخاص بشكل غير رسمي للطلب منهم التزام منازلهم يومَي 10 و11 المقبل، وعدم الخروج لتجنّب أيّ مشكلات.