القاهرة | انخفض، مجدّداً، سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، مسجّلاً هبوطاً تاريخياً، بعدما وصلت قيمته في المصارف إلى نحو 23 جنيهاً في المتوسّط مقابل الدولار، مرتفعاً ممّا يقلّ عن 20 جنيهاً قبلها بيوم، ومن 15.6 جنيهات بداية آذار الماضي. وجاء هذا الانخفاض في أعقاب إجراءات جديدة اتّخذها البنك المركزي، ترك بموجبها تحديد قيمة العملة المحلّية مقابل العملات الأجنبية لآلية العرض والطلب، في إطار نظام سعر صرف مرن، مع إعطاء الأولوية لهدفه الأساسي المتمثّل في تحقيق استقرار الأسعار، وخفْض التضخّم تدريجاً. وأتت خطوة تخفيض سعر الجنيه بعد دقائق من إعلان رفع الفائدة بشكل استثنائي 2% على الاقتراض والإيداع، ليعلَن إثر ذلك التوصّل إلى اتفاق مع «صندوق النقد الدولي» على قرض جديد بقيمة 3 مليارات دولار، و6 مليارات أخرى مقسّمة ما بين مليار من «صندوق الاستدامة» الذي تمّ إنشاؤه داخل «النقد الدولي»، ونحو 5 مليارات ستقدّمها الدول الشريكة في التنمية والمؤسّسات الدولية الأخرى، ليصل إجمالي ما سيدخل خزانة الدولة، خلال الفترة المقبلة، إلى نحو 9 مليارات دولار.وأعلن البنك المركزي الإلغاء التدريجي للتعليمات الخاصة باستخدام الاعتمادات المستندية في عمليات تمويل الاستيراد، حتى إتمام الإلغاء الكامل لها في شهر كانون الأول، في خطوة يأمل من خلالها تحفيز النشاط الاقتصادي على المدى المتوسّط، بالتوازي مع العمل على بناء وتطوير سوق المشتقّات المالية بهدف تعميق سوق الصرف الأجنبي، ورفع مستويات السيولة بالعملة الأجنبية. وجاءت الخطوات الرسمية بعد ساعات من إعلان الحكومة رفع الحدّ الأدنى للأجور في القطاع الحكومي إلى 3 آلاف جنيه، وتمديد الأسعار الحالية للكهرباء حتى 30 حزيران، بالإضافة إلى تثبيت أسعار المحروقات حتى نهاية 2022، مع استمرار الدعم المالي الاستثنائي الذي يصرف على أساس بطاقات التموين حتى نهاية العام المالي الحالي في حزيران. واللافت في القرارات التي كانت متوقّعة منذ أسابيع، محاولة الترويج لكوْنها بداية نهاية الأزمة الاقتصادية، في وقت لا تزال الحكومة بحاجة إلى مزيد من الدولارات، من أجل سداد الديون وفوائدها، وهو ما تحاول الحصول عليه من خلال الاستثمارات الإماراتية والقطرية والسعودية التي ستُضخّ وفق أسعار صرف الجنيه، بما يضمن سداد مبالغ دولارية أقل.
كشفت مصادر لـ«الأخبار» أن مصر ستحصل على دفعات أخرى من الصندوق بصيغة قروض في 2023


وألزم «النقد الدولي»، الذي تواجدت رئيسة بعثته إلى مصر، إيفانا هولار، في القاهرة، أمس، الحكومة، بتطبيق برنامج إصلاح اقتصادي يهدف إلى تعزيز استقرار الاقتصاد الكلّي وضمان استدامة الدين العام في المدى المتوسّط، والعمل على تعزيز صلابة الاقتصاد ومرونته وقدرته على مواجهة الصدمات الخارجية، وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي بشكل يضمن الفاعلية والاستهداف، وبما يحقّق أكبر قدر من الحماية للطبقات الأوْلى بالرعاية الاجتماعية، التي ستخصّص الحكومة 67 مليار جنيه إضافية في الموازنة لتنفيذ البرامج المتّصلة بها. أيضاً، ينتظر الصندوق إصدار وثيقة سياسة ملكية الدولة، مع إعطاء مساحة للقطاع الخاص من أجل «العمل بشكل حرّ» في السوق المصرية بما يضمن «جذْب مزيد من الاستثمارات المحلّية والأجنبية».
وقالت هولار إن الاتفاق الذي جرى على مستوى الخبراء بشأن السياسات الاقتصادية، سيكون مدعوماً بـ«آخر لمدّة 46 شهراً» في إطار آلية «تسهيل الصندوق الممدد» (Extended Fund Facility)، مشيرة إلى أن الاتفاق يستهدف ضبط ميزان المدفوعات، ودعم الموازنة العامة للدولة المصرية، وتحفيز عملية الحصول على تمويل إضافي من شركاء مصر الدوليين والإقليميين للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، ومعالجة اختلالات الاقتصاد الكلّي التي نتجت من تداعيات الحرب في أوكرانيا. كما يرمي إلى الدفع نحو مزيد من «الإصلاحات الهيكلية والإدارية لتعزيز النمو الذي يقوده القطاع الخاص وخلق فرص العمل». وأوضحت أن الاتفاق مرهون بموافقة المجلس التنفيذي لـ«النقد الدولي»، والذي من المتوقّع أن يناقش طلب السلطات المصرية في شهر كانون الأول، فيما تحدّثت مصادر إلى «الأخبار» عن آلية تمويل جديدة ستحصل بموجبها مصر على دفعات أخرى من الصندوق بصيغة قروض خلال النصف الثاني من العام المقبل، لاستكمال خطّة الإصلاح التي تعهّد فيها البنك المركزي بعدم ضخّ أيّ دولارات في الأسواق مجدداً بهدف ضبط سعر الصرف.