بغداد | حقّق رئيس الحكومة العراقية المكلّف، محمد شياع السوداني، تقدُّماً على صعيد تشكيل حكومته التي يُتوقّع عرْضها على التصويت في مجلس النواب في الأيام القليلة المقبلة، وسط تقارير عن التوصّل إلى حلٍّ لمشكلة تقاسم الحقائب بين الحزبَين الكرديَّين الأساسيَّين. ولئن كانت العقدة الرئيسة الآن متمثّلة في تَوزّع الوزارات المخصّصة لـ«المكوّن» السُنّي، فالظاهر أن «الإطار التنسيقي» ألْزم نفسه بتجاوُز خلافاته، بهدف سدّ أيّ ثغرة أمام تحرُّك محتمل من جانب «التيار الصدري»، الذي اتّخذ على ما يبدو، من جهته، موقع الترقّب، في انتظار ما سيكون عليه أداء الحكومة الجديدة
يسعى «الإطار التنسيقي»، بجُهده، إلى التأكيد أن لا خلافات بين قواه تؤخّر إنجاز تشكيل حكومة محمد شياع السوداني وتقديمها للتصويت البرلماني في الأيام المقبلة، متحدّثاً عن بعض التجاذبات التي لا يمكن أن تَنسف عمليّة التشكيل برمّتها، وخصوصاً في ظلّ تسليم «التيار الصدري»، بحسب مقرّبين منه، بأن الحكومة ستتشكّل، مع ربط تحرُّك جمهوره بفشلها، وهو مسألة وقت فقط، وفق هؤلاء. والظاهر أن قوى «التنسيقي» نجحت في تغطية خلافاتها - حتى لا تَترك ثغرة ينفذ منها «الصدري» للقيام بتحرّك سريع ضدّ الحكومة العتيدة -، بتقاسم حصّة «المكوّن» الشيعي البالغة 12 وزيراً. ويقول القيادي في «تحالف الفتح»، سلام حسين، لـ«الأخبار»، إن ثمّة «حراكاً قوياً في اتّجاه الانتهاء من تشكيل الكابينة الوزارية، والإطار التنسيقي حسم أمره بتفويض الرئيس المكلّف مهمّة اختيار الشخصيات المناسبة لإشغال حقائبه الوزارية من بين المرشّحين الذين تمّ تقديم سِيَرهمْ الذاتية إليه لدراستها من قِبَل اللجان الفنيّة المختصّة التي شُكّلت برئاسة السوداني، وعضوية مستشارين وخبراء جرى اختيارهم من قِبَله»، مضيفاً إن «هناك حالياً تنافساً محموماً على إشغال الحقائب الوزارية في البيتَيْن الكردي والسُنّي. وفي كلّ الأحوال، فإن الأمور تبشّر بخير، وإن شاء الله نشهد جلسة التصويت على الكابينة الوزارية في الأيام القليلة المقبلة».
وفي هذا السياق، نقلت وكالة «السومرية نيوز» للأنباء عن مصادر سياسية، قولها إن «الاتفاق السياسي الذي جرى على أساسه تقسيم الحقائب الوزارية للكتل والأحزاب الشيعية في حكومة السوداني، والتي سيكون عددها 12 وزارة، يعطي تحالف الفتح خمس وزارات مقسّمة إلى اثنتَين لكتلة بدر، وأخريَين لكتلة صادقون، وواحدة لكتلة سند. أمّا ائتلاف دولة القانون، وهو الكتلة الأكبر في الإطار، فستكون حصّته أربع حقائب، فيما أعطيت ثلاث لرئيس الوزراء المكلّف الذي سيكون مخوَّلاً اختيار مرشّحين لها من دون الرجوع إلى قوى التنسيقي». ووفق المصادر نفسها، فإن «الخلاف السُنّي حول المناصب الوزارية هو الأصعب في المشهد السياسي الحالي، ويمكن للسوداني حلّه في المرحلة المقبلة. أمّا القوى الكردية فقد حسمت موقفها وحصلت على العدل والبيئة والخارجية والإعمار، وستكون وزارة العدل من حصة الاتّحاد الوطني الكردستاني، والمتبقّي للحزب الديموقراطي الكردستاني، فيما سيُجري رئيس الوزراء المكلّف زيارة لأربيل لعقد اجتماعات مع القيادات الكردية قبيل جلسة التصويت على حكومته في البرلمان».
يتّخذ «التيار الصدري» موقع المترقّب في انتظار ما سيكون عليه أداء حكومة السوداني


من جهته، يتّخذ «التيار الصدري» موقع المترقّب، مسلّماً بأن الحكومة صارت واقعاً. وفي هذا الإطار، يقول المحلّل السياسي، غالب الدعمي، القريب من «الصدري»، في تصريح إلى «الأخبار»، إن «التيّار انسحب من العملية السياسية وترَك الجَمل بما حَمل. وسواء كان راغباً أو مرغَماً، فالحكومة ستُشكّل بالطريقة التي يريدها الإطار التنسيقي لتوفُّر نسبة عددية كبيرة لمصلحته في البرلمان، ورغبة كبيرة لدى شركائه في المضيّ في تشكيل الحكومة على رغم الصراعات الكبيرة على المناصب وما شابها من دعايات وشائعات في شأن المبالغ الكبيرة». ويضيف إن «هذه الحكومة بالنتيجة مرفوضة من قِبَل التيار الصدري، وأعتقد أن علينا الترقّب إلى متى سيبقى التيار، شهراً أو اثنين أو أكثر، لا نعلم، لكن يبدو أن هناك التزامات كما سمعناها من قادة إقليم كردستان بأن الحكومة ستكون مؤقّتة، وهذا يرضي الصدريين، ولكن يبقى المعيار الحقيقي لصلاح هذه الحكومة هو تقديمها للخدمات، وبالتالي التيّار ومَن معه من جمهور يمكن أن يقوموا بشيء إذا ما فشلت الحكومة، وبالتأكيد لا يتمنّى أحد لها الفشل».
لكن قوى «الحراك التشريني» لم تنتظر حتى انتهاء تشكيل الحكومة، فضلاً عن فشلها، من أجل التحرّك في الشارع ضدّها، إذ جرى تنظيم تظاهرة في ساحة التحرير في بغداد في ذكرى 25 تشرين الأول، وسط انتشار أمني مكثّف، حيث أَغلقت القوات الأمنية جسرَي الجمهورية والسنك، فضلاً عن ساحات الطيران وغرناطة والتحرير والخلاني وجميع المداخل المؤدّية إلى الساحة.