القاهرة | تُختتم، اليوم الثلاثاء، جلسات المؤتمر الاقتصادي «مصر 2022» الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، لبحث أوضاع الاقتصاد المصري ومستقبله، في ظلّ استمرار النهج الحكومي نفسه الذي أوصل الأمور إلى درجة غاية في الصعوبة. وعلى مدى أيام المؤتمر الثلاثة، كانت الصورة الرئيسة التي جرى تصديرها إلى الرأي العام، هي أن الأزمة الاقتصادية الحالية التي تعانيها مصر، جزءٌ من أزمة عالمية، وأن الاقتصاد المصري في حالة أفضل من اقتصاديات دول أخرى. لكن هذه الخلاصة، وإن كانت في جزء منها صحيحة، لا تعبّر عن الصورة كاملة، في ظلّ وجود مشكلات جوهرية يحاول المعنيّون حالياً التعامل معها.وفي حديثه المستفيض خلال المؤتمر، أشار السيسي، للمرّة الأولى، إلى «اليأس» الخليجي من دعم النظام - والمرتبط أساساً بإخفاق المشاريع التي يتمّ تنفيذها بالأموال الخليجية -، والذي دفع دول الخليج إلى الإحجام عن تقديم أيّ أموال للتعافي الاقتصادي. وعلى رغم أن الرئيس المصري اصطحب - مثلاً - نظيره الإماراتي، محمد بن زايد، وآخرين، لافتتاح فنادق وأبراج في منطقة العلَمين خلال الصيف الماضي، إلا أن ذلك لم يكن كافياً للاقتصاد المصري الذي دعمه الخليجيون بمليارات الدولارات منذ سقوط نظام الرئيس حسني مبارك. ومع أن العمليات الإرهابية والاضطراب السياسي - الذي كان السيسي شريكاً فيه -، ساعدا في مفاقمة الخسائر الاقتصادية، لكن الإنفاق من دون دراسات جدوى، والتوسُّع في المشاريع المختلفة في ظلّ غياب القدرة على تحقيق عائدات سريعة منها، أصبحا يؤرّقان الاقتصاد بشكل غير مسبوق.
تحدث السيسي للمرة الأولى عن «اليأس» الخليجي من دعم النظام اقتصادياً


ويجهد النظام لتحميل الوضع العالمي منفرداً مسؤولية الأزمة الاقتصادية، خصوصاً مع انتهاء المُدد التي وضعها السيسي - منذ وصوله إلى السلطة - للإصلاح الاقتصادي، في وقت تقف البلاد أمام موجة غلاء جديدة بفعل انخفاض قيمة الجنيه الذي فقد أكثر من 25% منها منذ آذار الماضي. واعترف مستشار محافظ «المركزي»، هشام عز العرب، قبل أيّام، بوقف عمليات الاستيراد منذ شباط الماضي، والصعوبات التي تواجِه المستثمرين والشركات العاملة ليس فقط في عمليات الاستيراد، ولكن أيضاً في عمليات التصدير وحركة خروج ودخول الدولارات إلى البلاد. وعلى خلفية ذلك، يعمل محافظ «المركزي» الجديد، حسن عبدالله، على إطلاق مشتقّات جديدة للجنيه من أجل إتاحة سيولة في الأسواق، بالإضافة إلى توفير أدوات للتحوّط ضدّ المخاطر، في محاولة لإيقاف عملية الدولرة. وما كشف عنه عبدالله، حتى الآن، هو إطلاق مؤشّر للجنيه المصري يتضمّن ربطه بمجموعة من العملات إلى جانب الذهب، بعدما جرى الانتهاء من عقود التحوّط المستقبلية، فيما يُنظر إلى هذه الإجراءات بترقُّب شديد، بخاصة وأنها تأتي في سياق التفاوض مع «صندوق النقد الدولي» للحصول على قرض جديد، قد يصل إلى 6 مليارات دولار، ستُستخدم في تسديد جزء من القروض المستحقّة بالفعل. ويصل وفد «الصندوق» إلى القاهرة الأسبوع المقبل لبحث تفاصيل القرض، فيما يخشى محافظ «المركزي» من أن تؤدّي طلبات «النقد الدولي» إلى زيادة التضخّم المستهدَف تخفيضه.
في المقابل، ومع تأخّر الاستثمارات القطرية التي يُفترض ضخّها في الأسابيع المقبلة، تأمل الحكومة المصرية في أن تؤدّي مبادرة استيراد المصريين في الخارج لسيارات، ووضع الرسوم والجمارك كودائع بالعملات الأجنبية في المصارف لمدة 5 سنوات من دون فوائد، في توفير ما يقارب 3 مليارات دولار في الأشهر الأربعة المقبلة، علماً أن الحكومة ستقوم بردّ المبلغ بالعملة المحلّية وفق سعر الصرف بعد السنوات الخمس، مدة التجميد المفترضة للأموال التي ستصل من الخارج.