بعد استنفاد كافة السبل لوضع حدّ للأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، أعلنت الحكومة الليبية، ليل الاثنين الثلاثاء، أنها تدرس إمكانية طلب تدخل قوات دولية لمساعدتها على بسط الأمن والنظام في البلاد، ولا سيما في العاصمة طرابلس، التي تعرض مطارها، مساء الاثنين، لوابل من القذائف، في وقت دعا فيه وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى وقف العنف في ليبيا، مؤكداً أن الولايات المتحدة تعمل مع القادة الليبيين، عل إنهاء الاضطرابات.
وقال كيري، في مؤتمر صحافي في فيينا أمس، إن العنف «خطر وينبغي أن يتوقف، ونحن نعمل بجد لتحقيق التماسك السياسي»، مضيفاً «نحن بكل تأكيد قلقون لجهة مستوى العنف في ليبيا».
وأعلن المتحدث باسم الحكومة، في بيان، أن مجلس الوزراء عقد، مساء الاثنين، اجتماعاً طارئاً تدارس خلاله خصوصاً «استراتيجية طلب محتمل لقوات دولية لترسيخ قدرات الدولة وحماية المواطنين ومقدرات الدولة».
وأضاف البيان، أن الهدف من تدخل القوات الدولية هو أيضاً، «منع الفوضى والاضطراب وإعطاء الفرصة لها (الدولة) لبناء مؤسساتها وعلى رأسها الجيش والشرطة».
وأتى الاجتماع الطارئ للحكومة، في أعقاب المواجهات العنيفة التي دارت في العاصمة وتحديداً في محيط مطار طرابلس الدولي، وألحقت أضراراً جسيمة في منشآته كما بالطائرات التي كانت جاثمة في مدارجه.
وفي هذا الخصوص، أشارت وزارة الخارجية الفرنسية إلى أن باريس «أخذت علماً بدعوة الحكومة الليبية لقوة دولية».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية رومان نادال، في مؤتمر صحافي، إن «عودة الأمن في ليبيا أولوية بالنسبة إلى فرنسا». وعندما سئل عما إذا كانت فرنسا مستعدة للعودة إلى ليبيا في إطار قوة دولية، أجاب المتحدث أن الطلب الليبي لا يتوجه «إلى فرنسا، بل إلى الأسرة الدولية». وأضاف أنه «يجب أن يبحث في الهيئات الدولية المختصة، وعلى رأسها الأمم المتحدة».
كذلك، فإن من المتوقع أن يعقد مجلس الجامعة العربية، اجتماعا طارئاً على مستوى المندوبين الدائمين، اليوم، في القاهرة، لبحث تطورات الأوضاع في ليبيا، بحسب مصدر مسؤول في الجامعة.
وبحسب بيان الحكومة الليبية، فإن «90 في المئة من الطائرات (في مطار طرابلس)، أصيبت وإصلاحها يحتاج إلى أشهر ومئات الملايين».
كذلك «أصيب برج المراقبة» و«دُمّرت خزانات وشاحنات الوقود» و«مبنى الجمارك دُمّر بالكامل»، و«المباني التابعة للصيانة جرى تدميرها» و«عدد من الطائرات المدنية وأخرى تابعة للأمن الوطني جرى تدميرها بالكامل».
وتعرّض مطار طرابلس مجدداً، مساء الاثنين، لإطلاق صواريخ، وذلك بعدما علقت السلطات الليبية جميع الرحلات الجوية من مطار مصراته الدولي غرب البلاد «لأسباب تقنية»، غداة إغلاق مطار العاصمة إثر مواجهات دامية.
وأغلق مطار طرابلس، الاحد لثلاثة أيام، بعدما تعرض ثوار الزنتان الذين يسيطرون عليه، والذين يناهضون الإسلاميين، لهجوم من جماعات إسلامية.
وبعد إغلاق مطار طرابلس، اضطر مطار مصراته أيضا، إلى تعليق الرحلات، ولا سيما أنه مرتبط ببرج المراقبة في العاصمة. ولم يعد هناك سوى مطارين في الخدمة، في مدينتي البيضاء وطبرق في شرق ليبيا، حيث وقعت معارك شرسة، الاثنين، في بنغازي بين قوات الأمن ومجموعات إسلامية، للسيطرة على مستشفى «الجلاء»، الخاضع منذ أسابيع، لسيطرة الإسلاميين المتطرفين.
من جهة أخرى، أفقل محتجون، أمس، طرقاً عدة في طرابلس، حيث أحرقوا إطارات سيارات على أثر دعوات إلى العصيان المدني أطلقت على شبكات التواصل الاجتماعي للتنديد بهجوم المطار، بحسب شهود عيان، كما أقفلت مصارف ومتاجر عدة.
إلى ذلك، دعا نائب المجلس الأعلى لطوارق ليبيا موسى الكوني، إلى وقف الاقتتال في طرابلس والجلوس على طاولة الحوار. وقال الكوني إن «الطوارق مع شرعية الدولة، ونرفض هذا الاقتتال في طرابلس، لأنه لا يخدم مصالح الدولة واستقرارها».
وقال الكوني إن «الطوارق في تواصل مستمر، والاتصالات قائمة مع جميع الأطراف المتقاتلة، منهم من استجاب والبعض الآخر لم يستجب حتى الآن». وأضاف: «نعمل للتوسط لوضع حدّ لهذه المشكلة (الاقتتال)، قبل أن تتفاقم ويفقد الجميع السيطرة عليها».
(رويترز، أ ف ب، الأناضول)