القاهرة | مع اقتراب العدّ التنازلي لانطلاق «قمّة المناخ» في شرم الشيخ، يزداد توتّر السلطات المصرية، في صورة تعيد إلى الأذهان الاضطراب الذي ساد عقب دعوة المقاول محمد علي، قبل نحو 3 سنوات، إلى احتجاجات شعبية، إثر كشْفه مخالفات مالية كان هو جزءاً منها. ويأتي هذا التوتّر على رغم أن السلطات لا تزال تَبذل محاولات ترضية غير مسبوقة، لم تَعُد مقتصرة فقط على إخراج المسجونين على ذمّة قضايا الرأي، بل تمتدّ لتشمل إعادة دمج المفرَج عنهم داخل المجموعات التابعة للمخابرات، وتوفير فرص عمل بديلة لهم. وخلال الأسابيع الماضية، تلقّى العشرات مِمَّن كانوا أُبعدوا عن العمل لأسباب أمنية، اتصالات هاتفية تسألهم عن مدى رغبتهم في العمل مجدّداً، ليتمّ على إثرها إلحاق بعضهم بالمؤسّسات الإعلامية المختلفة من دون أن تكون لهم وظائف محدّدة، وذلك من أجل إظهار حالة من الرضى في الأوساط الإعلامية والسياسية، وهو ما تَحقّق بالفعل جزئياً.لكن ما ينغّص على السلطات «إنجازها» هذا، انطلاق دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى تظاهرات يوم 11 تشرين الثاني، ورصد مجموعات تنشط بشكل كبير للتحضير لها من داخل مصر، فضلاً عمّا جرى رصده في الخارج. وإلى جانب ما تَقدّم، برزت دعوة رئيس «حزب الإصلاح والتنمية»، محمد أنور السادات، وهو عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» وأحد الوجوه السياسية التي أقصاها النظام لفترة قبل أن يعيد دمجها على خلفيّة علاقاتها الوثيقة بالسفارات الأجنبية، الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى عدم الترشّح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو ما تمّ - خلافاً للمعتاد - تجاهله بالكامل، فيما استمرّ السادات في الظهور السياسي والإعلامي. وكانت سُجّلت في الآونة الأخيرة طفرة في استضافة المعارضين حتى في اللقاءات السياسية التي يجريها رجال المخابرات، من خلال «تنسيقية شباب الأحزاب» والسياسيين، وكذلك نواب مجلسَي النواب والشيوخ.
انتشرت دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى تظاهرات يوم 11 تشرين الثاني


وفي مواجهة احتمال تجدّد الاضطرابات، تسلك السلطات مسارَين اثنين: الأوّل إعلامي، بتوجيه جميع القنوات التلفزيونية بتكثيف الحديث عن «الإنجازات»، سواءً في المشروعات المرتبطة بالطرق والتنمية أو بتلك المتّصلة بالجمعيات الأهلية، فضلاً عن تجديد الهجوم على «الإخوان» وأهدافهم «الخبيثة» من وراء انتقاد النظام؛ أمّا المسار الثاني فمرتبط بالأجهزة الأمنية، التي تعيش حالة من الاستنفار القصوى، ليس في شرم الشيخ فقط، ولكن أيضاً في مختلف المدن المصرية، ولا سيما القاهرة، في ظلّ عودة مراقبة التجمّعات الشبابية، وكذلك عودة تفتيش الهواتف المحمولة في الشوارع، ومراقبة تحرّكات بعض الأشخاص والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي الأسبوع الماضي فقط، تعرّض عدد من المواطنين لعمليات تفتيش واسعة لهواتفهم المحمولة في منطقة ميدان التحرير، حيث جرى البحث في تطبيقات «واتسآب» و«تلغرام» عن كلمتَين رئيستَين: «تظاهرات نوفمبر» والسيسي، في حين أُوقف أشخاص لساعات فقط، غالبيّتهم كانت كتاباتهم عن هذَين الموضوعَين في تواريخ سابقة.