وكان الصحافي الإسرائيلي، أوهاد حمو، ادّعى، أخيراً، أن «حركة حماس قدّمت دعماً لمجموعة عرين الأسود تجاوَز المليون دولار»، وأن القيادي في «كتائب القسام»، الذراع العسكرية للحركة، مصعب اشتية، المعتقَل لدى أجهزة السلطة، تولّى إيصالها إلى «العرين». والجدير ذكره، هنا، أن جهاز «الشاباك» الإسرائيلي كان قد اغتال القيادي في «القسام»، مازن فقها، عام 2017، في عملية أمنية نفّذها عدد من عملائه في القطاع، وذلك بسبب الجهود التي كان يبذلها الأسير الضفّاوي المحرَّر في صفقة «وفاء الأحرار» عام 2011، في إعادة بناء خلايا «القسام» في الضفة. كذلك، يحفظ سكّان غزة كيف ردّ جيش الاحتلال على عملية اختطاف ثلاثة مستوطِنين وقتْلهم، والتي نفّذتها «القسام» عام 2014، بحرب استمرّت 51 يوماً في غزة.
المقاومة في غزة لم تَخرج من مهداف العدو، حتى بعد وقف إطلاق النار في آب الماضي
إزاء ذلك، يرى الباحث السياسي، مجد ضرغام، أن «مسوّغات التَّوجّه إلى سيناريو كهذا حاضرة بقوّة، ولا سيما أن طبيعة جولات القتال التي تندلع في القطاع، يمكن، وفق الفهم الإسرائيلي، التحكّم بحدود تأثيرها، أي بوقت بداية المعركة، واستيعاب ردّة الفعل، ثمّ التوصّل إلى وقف لإطلاق النار يضْمن الهدوء طويلاً، بالنظر إلى عدم وجود تداخل ميداني مع المستوطنات والمواقع الإسرائيلية». لكن هل يمكن لخطوة كهذه، توفير الهدوء في الضفة؟ يجيب ضرغام، في حديثه إلى «الأخبار»، بأن «الأمر متوقّف على مستوى الفهم الإسرائيلي لطبيعة الأحداث؛ إذا كان جهاز الشاباك يعتقد أن هناك شخصية تدير الحالات المقاومة في جنين موجودة في غزة مثلاً، ومن الممكن أن يحدِث اغتيالها أضراراً لوجستية كقطْع خطوط الإمداد المالي، والتوجيه العسكري، فإن الإسرائيلي سيبادر إلى ذلك»، مستدركاً بأن «الأمر ليس بهذه البساطة، خصوصاً مع الشكل الجديد الذي اتّخذه العمل المقاوم في الضفة، مِن مِثل ظهور تشكيلات مسلّحة تُدار ذاتياً، وتمتلك مصادر متعدّدة للتنظيم، كعرين الأسود مثلاً، وتَشكُّل حالة عابرة للأحزاب، وإن كانت مستفيدة من كلّ الفصائل. لذا، فإن الشكل الهرمي للعمل العسكري لم يَعُد وحده القائم، وعليه، فإن فكرة أن تضرب غزة لتَهدأ الضفة، صارت من الماضي».
وبناءً على ما تَقدّم، تُقدّر مصادر أمنية أن تنفيذ عملية أمنية تستهدف قادة المقاومة في غزة، المسؤولين عن دعم الخلايا العسكرية في الضفة، على غرار اغتيال فقها، هو سيناريو متوقَّع، ولا سيما أن مثل تلك العمليات توفّر هامشاً للمناورة، في حال تنصّلت دولة الاحتلال من مسؤوليّتها عنها.