القاهرة | تحوّلت «قمّة المناخ» المُقرَّر عقدها في مدينة شرم الشيخ المصرية، الشهر المقبل، إلى حافز كبير للنظام للعمل على تحسين صورته أمام العالم، عبر خطوات عدّة في مجال الحريات. وعلى رغم أن مساحة الحرية، نظرياً، باتت أكبر مع استيعاب الكثير من المعارضين، أو حتى مِمَّن كان النظام أجْلسهم في منازلهم وأبْعدهم عن المشهد سياسياً وإعلامياً واقتصادياً، إلّا أن هذه الخطوات لا تزال غير مكتملة الأركان، ولا حتى واضحة بالنسبة إلى المؤسّسات الدولية المعنيّة، والتي تحضّ زعماء العالم على مقاطعة القمّة، في مقابل الحرص المصري على تقديم التسهيلات الممكنة كافة، من أجل تأمين أكبر مشاركة دولية فيها. وكانت الحكومة المصرية عملت، خلال الأشهر الماضية، على إعادة بناء مدينة شرم الشيخ، بحيث أصبحت «صديقة للبيئة»، وتحت المراقبة الكاملة والسيطرة الأمنية على مدار الساعة، ومُجهَّزة بآلاف الغرف الفندقية. إلّا أن كلّ ذلك لم يكن كافياً لحسم قدرة مصر على استضافة «Cop 27»، ولا سيما في ضوء التنافس المصري - الإماراتي في ملفّ البيئة، واستعداد دبي لاحتضان «Cop 28» عام 2023، ووصْفها إيّاها بأنها ستكون «أهمّ قمّة للمناخ» منذ قمّة باريس.ومنذ بداية العام، ومع تصاعُد ضغوط المنظّمات الحقوقية، سُجّل الإفراج عن عشرات السجناء، فيما أعيدَ تشكيل «المجلس القومي لحقوق الإنسان» برئاسة السفيرة مشيرة خطاب، وجرى استيعاب جزء من المعارضة في أروقة الدولة، وكذلك إشراك الأحزاب السياسية، بما فيها تلك المعارِضة، في «الحوار الوطني»، ولو شكلاً. وبخصوص قضية الناشط علاء عبد الفتاح، رهنتْ مصر الإفراج عنه بحضور بريطاني رفيع المستوى - لا يقلّ عن رئيسة الحكومة والملك - في القمّة، باعتبار أن الناشط المصري حاصل على الجنسية البريطانية، وتطالب لندن بالإفراج عنه. أمّا الاشتراطات الأميركية لمشاركة الرئيس جو بايدن في «Cop 27»، فجرت تلبيتها كاملةً بالفعل، فيما بقيت بعض التفاصيل التي تتمّ مناقشتها حالياً بين الجانبين، وسط ترتيبات لعقد لقاءات جانبية بين بايدن وقادة الخليج الذين سيشاركون في الملتقى.
تُسرّع السلطات وتيرة إخراج المعتقَلين من السجون ضمن ما سُمّي «العفو الرئاسي»


لكنّ المنظّمات الحقوقية، التي تدعو على الأقلّ إلى خفْض مستوى التمثيل الدبلوماسي في القمّة، تتسلّح في دعواتها تلك، بازدياد أعداد المعتقلين، وتصاعُد عمليات القمع وتكميم الأفواه وتقييد الإعلام، على رغم الإجراءات «الإصلاحية» الأخيرة. وفي محاولة لدحض تلك الاتهامات، يعتزم النظام إطلاق قناتَين دوليتَين من أجل تبييض صفحته، وهو ما يواجه العديد من العقبات الداخلية، في ظلّ نقص الكوادر المؤهّلة، وعدم الرغبة في الاستعانة بوجوه محايدة ليس لديها ولاء مطلق للنظام. أيضاً، تُسرّع السلطات وتيرة إخراج المعتقَلين من السجون ضمن ما سُمّي «العفو الرئاسي»، فيما تتزايد قرارات النيابة العامّة إخلاء سبيل المتّهمين على ذمّة القضايا، لكن كلّ هذه تبْقى حلولاً مؤقّتة يمكن بسهولة التراجع عنها. ومن بين الانتقادات التي تَسوقها تلك المنظّمات ضدّ النظام أيضاً، ما يطاول عمليات إزالة الأشجار وإفساد البيئة الطبيعية من أجل توسيع الطرق والشوارع وإنشاء «الكباري»، وعمليات التهجير القسري من سيناء والانتهاكات التي تعرّض لها أهالي شبه الجزيرة على مدار السنوات الماضية تحت غطاء «الحرب ضدّ الإرهاب»، بما فيها حوادث القتل خارج إطار القانون.