القاهرة | لم يكن لأوّل قرارات وزير التربية والتعليم المصري الجديد، رضا حجازي، إرجاء الدراسة لمدّة أسبوع عن الموعد المحدَّد سلفاً، من أجل استكمال التجهيزات الخاصة باستقبال الطلاب، أيّ أثر إيجابي على هذه العملية، في ظلّ استمرار العجز الكبير في أعداد المدرّسين، وتهالُك البنية الأساسية في مختلف المدراس الحكومية التي باتت غالبيّتها تفتقد إلى معايير السلامة. ومع انقضاء الأيام الأولى من العام الدراسي الجديد، لم تنتظم العملية التعليمية؛ فلا جداول واضحة، ولا نهاية لحركة الانتدابات والتعيينات، فيما عمل المتطوّعين من خرّيجي الكلّيات التربوية، جرى فرْض قيود عليه، بما جعل الشباب يحجمون عنه بشكل كبير. وممّا زاد الطين بلّة، وفاة 3 طالبات في الأيام العشرة الأولى من العملية التعليمية، الأمر الذي ولّد صدمة كبيرة في الشارع المصري، خصوصاً عند اتّضاح أسباب الوفاة؛ إذ تَبيّن أن إحدى الطالبات قضت جرّاء انهيار جزء من سلّم مدرسة، وأخرى مُتأثّرةً بضربات عنيفة من معلّمها لارتكابها أخطاء في الإملاء، وثالثة بفعل سقوط من شرفة المدرسة، وهي حوادث مأساوية حاولت وزارة التربية والتعليم التعتيم عليها، مع تأكيدها صرْف تعويضات لضحاياها، ومتابعتها من قِبَل الوزير.ولا تنحصر مشاكل العام الدراسي الجديد في عجز المدارس عن استيعاب جميع المسجَّلين، أو تَأخّر تسلّم «التابلت» والكتب الدراسية، بل تمتدّ أيضاً إلى عدم تجديد أبنية المدارس المهترئة، وعدم توفير موارد مالية لها، بل وتوجيه المصروفات الدراسية التي كان يتمّ إنفاق جزء منها على الصروح التعليمية وصيانتها إلى الوزارة مباشرة. ويُضاف إلى ما تَقدّم النقص الحاد في أعداد المدرِّسين مع بلوغ عدد كبير منهم سنّ التقاعد من دون استبدالهم، فضلاً عن نقص التخصّصات حتى في المدن الرئيسة، وتأخير تعيين 30 ألف معلّم جديد يُفترض أن يكون توظيفهم بمثابة انفراجة في الأزمة التي تفاقمت خلال جائحة «كورونا». ومع عودة الطلاب إلى المدارس بعد انقطاع عامَين بسبب الوباء، برزت مشكلة الاكتظاظ، والتي منعت الوزارة وسائل الإعلام من الحديث أو الكتابة عنها، مُهدِّدةً بعقوبات جزائية كلّ مَن يخالف القرار الذي تضمّن أيضاً منْع أولياء الأمور من دخول المدارس، وكذلك منع التصوير بأيّ شكل من الأشكال داخلها.
لا تنحصر مشاكل العام الدراسي الجديد في عجز المدارس عن استيعاب جميع المسجَّلين


وفي تقريره لمراجعة الإنفاق العام على قطاعات التنمية البشرية في مصر، انتقد «البنك الدولي» عدم الوفاء بالالتزامات الدستورية الخاصة بتوجيه 10% من الناتج القومي الإجمالي إلى قطاعات التعليم والصحّة، 4% منها للتعليم قبل الجامعي، لكنّ السلطات ارتأت خفْض هذه النسبة بأكثر من 30%. وحصلت الحكومة المصرية على ملايين الدولارات في السنوات الماضية من «البنك الدولي»، الذي أوصى، في تقرير الأخير، بزيادة الإنفاق على التعليم الابتدائي بشكل خاص، والتوسُّع في بناء المدارس، إلّا أن خطّة الحكومة المصرية لم تُراعِ الزيادة السكّانية، ولا الاحتياج المتزايد إلى تعيين الموظفين، فيما اكتفت بالتوسّع في المدارس الخاصة والمدارس الربحية بشكل كبير، لتزيد طاقة هذه الاستيعابية بشكل لافت، وتتضاعف معها كثافة الطلاب في الفصول الدراسية.
وإذ يُواصل الوزير الجديد، الذي تَسلّم عمله بموجب التعديل الوزاري الأخير، التراجُع تدريجياً عن قرارات عدّة اتّخذها سلفه طارق شوقي وأثارت حفيظة الأهالي آنذاك، فهو يحاول إبعاد المشكلات الخاصة بوزارته عن الإعلام، علماً أن هذه الأخيرة تتذيّل المدارسُ الحكومية - على رغم كوْن مشكلاتها الأكبر على الإطلاق - قائمةَ اهتماماتها، فيما لا صوت لطلّابها من الطبقات الكادحة، والذين يعانون من تجاهل مستمرّ خاصة في السنوات الأخيرة، في وقت تتراجع فيه وتيرة بناء المدارس الحكومية الجديدة لصالح المدارس المميّزة التي يتوسع فيها النظام بصورة لافتة. لكن حتى المدارس الدولية تُواجه مشكلة عجز طلابها عن دفْع المصاريف بسبب تغيير سعر الصرف والزيادات الكبيرة في الأقساط، فيما المدارس التجريبية تعاني هي الأخرى زيادة أعداد المنضمّين إليها بصورة كبيرة. أمّا المدارس اليابانية، فلم تحصل، من جهتها، على التخصّصات المطلوبة للتدريس، خلافاً لما كان متَّفقاً عليه مع الجانب الياباني.