صنعاء | مع انقضاء مدّة الهدنة الإنسانية والعسكرية في اليمن، من دون نجاح أطرافها الداخليين والخارجيين في التوصّل إلى اتفاق ثالث (بعد التمديدَين الأوّل والثاني) لتمديدها، تصاعدت المخاوف من عودة الحرارة إلى جبهات القتال، وخصوصاً أن بعضها شهد مناوشات واشتباكات محدودة في الساعات الأولى لِما بعد انتهاء الهدنة، في ظلّ تأكيد صنعاء استعدادها لأيّ سيناريو محتمل. وعلى رغم ذلك، لم تتوقّف الوساطات والاتّصالات المكثّفة منذ مساء أمس الاثنين، في محاولة لإبرام تفاهم، تريده صنعاء هذه المرّة «واضحاً ومحدّداً»، ولا يستثني أحداً من مستحقّي الرواتب، وهو الملفّ الذي أعاق، حتى يوم أمس، إطالة عمر التهدئة، بفعل عدم رضى «أنصار الله» عن الخطط المطروحة بخصوصه.وفيما يُحكى، الآن، عن مبادرات وأفكار جديدة «تطبخ» بعناية في الأروقة السياسية، سادت، أمس، حالة من الهدوء الحذر معظم الجبهات العسكرية، باستثناء بعض المناوشات التي رُصدت في جبهات مأرب والضالع والساحل الغربي ومدينة تعز. وكانت اشتباكات محدودة قد اندلعت في مناطق الدشوش والقطيف الواقعة في ضواحي مدينة مأرب، بالتزامن مع سماع أصوات انفجارات متتالية. وفي جبهات الضالع، قالت مصادر محلّية، لـ«الأخبار»، إن قوات تابعة لـ«ألوية العمالقة» الموالية للسعودية، دفعت بتعزيزات عسكرية إلى جبهتَي الفاخر وقعطبة استعداداً لمواجهات محتملة. أمّا في جبهة الساحل الغربي، فتصاعدت المواجهات شمال غرب مدينة حيس بين مقاتلي «أنصار الله» وميليشيات جنوبية موالية للإمارات. ووفقاً لأكثر من مصدر، فقد امتدّت المعارك في هذه الجبهة الواقعة جنوب مدينة الحديدة إلى مناطق جديدة. أيضاً، تبادَل أطراف الصراع القصف المدفعي في مناطق التماس في عدد من محاور تعز عقب انتهاء الهدنة، قبل أن تتراجع وتيرة القتال أمس، في جميع تلك المحاور، فيما لم تُسجَّل، حتى مساء الاثنين، أيّ غارات جوّية.
المساعي الدولية والإقليمية لا تزال مستمرّة، لا لتمديد الهدنة فقط بل لتوسيعها أيضاً


سياسياً، تؤكّد مصادر مطّلعة في صنعاء، لـ«الأخبار»، أن المساعي الدولية والإقليمية لا تزال مستمرّة، لا لتمديد الهدنة فقط، بل لتوسيعها أيضاً. وتتوقّع المصادر تقديم مقترح أممي جديد معدّل بديل من المقترح السابق الذي استثنى مرتّبات الموظفين في القطاعَين العسكري والأمني وفق كشوفات عام 2014، من لائحة المستفيدين، وهو ما مثّل السبب الأبرز لفشل المفاوضات. ووفقاً لمعلومات «الأخبار»، فإن المقترح المنتظَر، إنّما يمثّل جزءاً من عدّة مبادرات طُرحت خلال الفترة الأخيرة من عمر الهدنة، وأبرزها المبادرة الأممية، وما تلاها من تعديلات أميركية، لكنها لم تصل إلى مستوى اتّفاق لتمديد وقف إطلاق النار الذي انتهت صلاحيته في الثاني من تشرين الأول.
وممّا يعزّز احتمال العودة إلى التفاهم، بحسب مراقبين، أن بيان المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، والذي أعلن الإخفاق في الاتفاق على التمديد، لم يتحدّث في الوقت نفسه عن انهيار الهدنة أو انتهاء محاولاته لإنجازها، بل وعد بالاستمرار في العمل على إيجاد الحلول، وطلب من أطراف الصراع الحفاظ على الهدوء والامتناع عن الأعمال التي قد تؤدي إلى التصعيد، وهو ما يؤشّر إلى أن باب التوافق لم يغلَق بعد. وفيما عُلم أن مقترحات عدّة لإنقاذ الموقف توالت تباعاً منذ ما بعد السادسة منذ مساء أوّل من أمس، تحدّث وزير الخارجية اليمنية الأسبق، أبو بكر القربي، عن مبادرة جديدة تتضمّن صرف المرتّبات خلال شهر، ومعالجة مصادر الإيرادات، وتوسيع نطاق الصرف ليشمل المتقاعدين، إلى جانب تشغيل محطّة مأرب وتسهيل حركة انتقال المواطنين.