القدس | تجدّدت أمس، تحت حماية قوات الاحتلال، اقتحامات المستوطِنين للمسجد الأقصى، بالتزامن مع انطلاق «الأعياد اليهودية». واقتحم ما يزيد على 300 مستوطِن باحات المسجد منذ الصباح، بعدما تولّت شرطة العدو، فجراً، تقييد دخول الفلسطينيين إليها، بمنعها مَن هُم دون سنّ الأربعين من ولوجها، من دون أن تفلح في إخلائها تماماً، علماً أن مئات المصلّين بدأوا الاعتكاف فيها منذ السبت. وبينما حاول المصلّون التصدّي للمقتحِمين بالإرباك الصوتي، أدّى المتواجدون في الخارج الصلاة على الإسفلت على رغم التضييق عليهم من قِبَل قوات الاحتلال. وتَصف فاطمة خضر، والتي ظلّت تُحاول منذ الصباح النفاذ من خلال السدّ البشري الذي صنعته شرطة العدو حول بوّابات الأقصى، مشهد الاعتداء على المسنّ أبي بكر الشيمي الذي أتى من مدينة عكا إلى القدس، بـ«المهول والصادم»، لافتة في حديث إلى «الأخبار» إلى أن جنود العدو تسبّبوا للشيمي بجروح بالغة في الرأس، نتيجة ملاحقته والاعتداء عليه قرب باب حطّة في البلدة القديمة.وكانت تصاعَدت، في الأيام الماضية، دعوات جمعيات «جبل الهيكل»، عبر مواقعها الإلكترونية وتطبيق «واتس آب»، إلى تكثيف اقتحامات الأقصى، وأداء الطقوس التلمودية داخله، وعلى رأسها نفخ البوق، بالتزامن مع «الأعياد اليهودية»، لكن الاستجابة لتلك الدعوات لم تكن بالقدْر المتوقّع، فيما سُجّلت، في اللحظات الأخيرة للاقتحامات، محاولة للنفخ سرعان ما عمدت شرطة الاحتلال إلى قمعها، في ما بدا مسعًى لتلافي استفزاز الفلسطينيين. وبدأ هذه الاستفزازاتِ، قبل أيام، المتطرّفُ يهودا غليك، رئيس مؤسّسة «تراث جبل الهيكل»، من خلال رفعه العلم الإسرائيلي في مقبرة باب الرحمة المحاذية للسور الشرقي للمسجد، ثمّ قيامه بنفخ «الشوفار»، قبل أن تقوم الشرطة بإخراجه. وتبِعه إلى هذا عضو «الكنيست»، سمحا روتمان، الذي عمد إلى النفخ في المكان نفسه أيضاً، ووصف ما قام به بأنه «الخيار الأفضل لإسرائيل». وعلى رغم حرص سلطات العدو، إلى الآن، على الحدّ من الممارسة المُشار إليها، إلّا أن الأخيرة حظيت بنوع من الغطاء الحكومي بعدما قبِلت إحدى محاكم الاحتلال طلباً تَقدّمت به مؤسّسة توراتية للسماح بنفخ «الشوفار» داخل الحرم القدسي، مستندةً في طلبها إلى قرارات سابقة بين عامَي 2016 و2018 تفيد بأن التصرّف المُشار إليه «غير استفزازي» لمشاعر المسلمين.
ويبيّن الباحث والمختصّ بالشؤون المقدسية، فخري أبو دياب، في حديث إلى «الأخبار»، أن نفخ «الشوفار» يعني في العقيدة اليهودية «دحر الأعداء وتطهير المكان من غير اليهود، ما يشير إلى الملكية الخالصة للحرم القدسي». ويَلفت أبو دياب إلى أنه «تمّ نفخ البوق مرّتَين في تاريخ الدولة العبرية، الأولى عند احتلال القدس، والأخيرة عند احتلال سيناء في مصر، ما يدلّ على تعمُّد حكومة الاحتلال المزج ما بين الحرب السياسية والحرب الدينية في الصراع على المسجد». وجاء السماح بنفخ البوق بالتوازي مع تسجيل قفزة نوعية في أعداد مقتحِمي المسجد الأقصى هذه السنة، مقارنةً بالسنوات السابقة، بحسب صفحات «منظّمات الهيكل»، ولا سيما بعدما أضحت تلك الاقتحامات تحظى برعاية حكومية متزايدة، مردّها الانزياح المستمّر، في الوسطَين الاجتماعي والسياسي، نحو أقصى اليمين المتطرّف.