بدوره، يؤكّد محافظ الرقة، عبد الرزاق الخليفة، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «هنالك تأثيراً ملحوظاً لشحّ مياه نهر الفرات على مياه الشرب من حيث الكفاية والجودة»، لافتاً إلى أن «الجهات الحكومية تُحاول مواجهة ذلك من خلال استخدام مواد التعقيم والكلور ضمن المواصفات المسموح بها، بهدف تنقية المياه، وضخّها عبر الشبكات للأهالي». ويستدرك بأن «اختلاط نهر الجلاب الوارد من تركيا، مع الفرات، زاد من تعكّر مياه الأخير»، كاشفاً أن «الوارد المائي الحالي من الفرات يتراوح بين 220 و240 م3 في الثانية، وهو ما يشكّل أقلّ من نصف حصّة البلاد منه». ويعتمد غالبية الأهالي في أرياف حلب والرقة ودير الزور، على محطّات ضخّ مياه مربوطة بنهر الفرات، يجري من خلالها تعقيم الوارد وإضافة مادّة الكلور إليه، لكن مع لجوء سكّان العديد من القرى والبلدات إلى تعبئة المياه مباشرة من النهر من دون تعقيم، أو استخدامها في سقاية المزروعات، شُرّع الباب أمام إمكانية انتشار أمراض وأوبئة سارية.
ظهرت غالبية الإصابات في مناطق تشهد شحّاً في مياه نهر الفرات
أمّا في الحسكة، فلا يبدو الوضع أفضل؛ إذ تعيش المدينة وضعاً مائياً صعباً، منذ احتلال تركيا منطقة رأس العين وأريافها، وتَحكّمها بالوارد المائي من محطّة علوك - التي تُعدّ المصدر الوحيد لمياه الشرب في مدينة الحسكة وريفها الغربي -، بالإضافة إلى جفاف رافدَي نهر الفرات (الجغجغ والخابور)، واستخدام الأهالي بقاياهما لسقاية المرزوعات. ونتيجة انقطاع المياه الحالي، والمستمرّ منذ نحو شهر ونصف الشهر، يضطرّ الأهالي إلى الاعتماد على مياه الآبار السطحية والجوفية المالحة، أو المياه المنقولة عبر الصهاريج والخزانات، والتي تُعدّ في غالبيتها مجهولة المصدر، ما يشكّل تهديداً صحّياً لهم. وفي هذا السياق، يشير مدير الصحة في الحسكة، عيسى خلف، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «انقطاع المياه عن مدينة الحسكة، من المصدر المائي الآمن الوحيد، والمتمثّل في محطّة علوك، يشكّل عامل قلق صحي، تمّ التنويه إليه مراراً»، مضيفاً أنه «مع تسجيل 13 حالة إصابة مثبتة بالكوليرا، تُوفّيت إحداها نتيجة مرافقتها لإصابة عصبية، وشُفيت 7 منها، فيما تتماثل 5 أخريات للشفاء، تمّ التشديد على ضرورة التأكّد من سلامة المياه الداخلة إلى المدينة». ويلفت خلف إلى أنه «تمّ استنفار الجهود وعقْد اجتماعات مع مؤسّسة المياه ومديرية التربية، بهدف التأكيد على اتّخاذ إجراءات صحّية تمنع انتشار المرض، مع ضرورة إضافة مادة الكلور إلى كافّة الخزانات والصهاريج التي تقوم بتوزيع المياه، في ظلّ استمرار انقطاع الوارد من علوك منذ نحو 50 يوماً»، مطَمئناً إلى أن «الوضع الحالي لانتشار المرض تحت السيطرة، واحتمالية انتشاره بشكل كبير غير مرجّحة، ضمن المعطيات المتوافرة حتى الآن».