وفي وقت اشتدّت فيه حدّة عمليات الاستهداف التركية لمدن الشريط الحدودي وبلداته، على نحو دَفع إلى توقُّع إعلان «قسد» تعليق عملياتها ضدّ «داعش» بهدف التفرّغ للتهديد التركي، جاءت الحملة على «الهول» في توقيت مفاجئ، لتُعيد لفْت الانتباه إلى مغبّة ترْك المخيّم بلا حماية في حال تَجدّدت الهجمات، وهو ما كان ألمح إليه سابقاً قائد «قسد»، مظلوم عبدي، بقوله: «(إننا) لن نكون قادرين على حماية هذه المخيّمات في حال حصول عدوان تركي جديد». وجنّدت «قسد» العديد من وسائل الإعلام التابعة لها والمقرّبة منها، لصالح الحملة الأمنية الأخيرة، مُكثّفةً نشر الصور والمقاطع المصوَّرة عن نتائجها، ومُعلِنةً اعتقال أكثر من 200 من المشتبه بانتمائهم إلى «داعش»، واكتشاف 28 نفقاً داخل «الهول»، في محاولة للقول إن ثمّة دعماً عسكرياً يأتي من خارج المخيّم إلى داخله، والتلميح إلى دور لتركيا في هذا الدعم، وإبراز احتمال تسلّل خلايا التنظيم سواءً أكان دخولاً أم خروجاً. وبالتوازي مع ذلك، أفردت «القيادة المركزية الأميركية» أكثر من بيان للإشادة بالعملية وأهمّيتها ودور «قسد» فيها.
حظيت الحملة الأمنية في مخيم الهول بدعم أميركي لافت
ومع تشديد «قسد» وواشنطن على إدراج الحملة في سياق ضربات استباقية ضدّ خلايا «داعش» لمنعه من شنّ هجوم واسع على غرار الهجوم على سجن الثانوية الصناعية، تقول مصادر ميدانية، لـ«الأخبار»، إن «رواية قسد عن وجود نوايا هجومية على المخيّم صحيحة، لكن إمكانية شنّ مِثل هذا الهجوم وإحداث نتائج كبيرة غير ممكنة؛ نظراً إلى انتشار العشرات من نقاط قسد في المنطقة، واستحالة استخدام التنظيم أسلحة ثقيلة ومتوسّطة وآليات»، مبيّنةً أن «الأنفاق التي اكتشفتها قسد، هي للانتقال داخل المخيم فقط، وغير مرتبطة بخارجه، بدليل عدم نشر أيّ صور لامتداداتها أو نهايتها». وتَلفت المصادر إلى أن «هناك إجماعاً غربياً أميركياً على خطورة المخيم على الأمن في المنطقة، وعلى دور قسد في ضبطه، ولذا تريد الأخيرة استثمار ذلك الإجماع للحصول على أكبر قدْر من الدعم والتعاطف، واستخدامه في مواجهة التهديدات التركية»، مُرجِّحةً أن «تكون قسد اختارت التوقيت بنصيحة أميركية للفْت نظر الجميع إلى دورها في محاربة الإرهاب». وتَكشف أن «قسد لا تستعجل تفكيك المخيم، ولذلك، فإن إجراءات ترحيل العوائل العراقية والسورية بطيئة، بسبب المنفعة المادّية الهائلة التي تجنيها نتيجة صبّ كلّ المنظّمات الدولية تمويلها داخل الهول، ولضمان عدم خسارة ورقة رابحة في السياسة، في أيّ تسوية للأزمة في البلاد»، مشيرة إلى أن «استمرار وجود المخيّم سيؤدّي إلى بقاء الأميركيين إلى أطول أمد ممكن في الأراضي السورية، ما يشكّل مظلّة مهمّة لقسد للصمود في وجه أيّ محاولات لتفكيكها مستقبلاً».