السويداء | رفضت «لجنة التفاوض» في مدينة جاسم في ريف درعا الغربي، يوم السبت الماضي، التوجُّه إلى مدينة درعا لعقد جلسة حوار مع «اللجنة الأمنية» في المحافظة، وذلك بعدما تبنّت رأْي قادة الفصائل المسلّحة التي لا تزال في جاسم، التي تُعدّ واحدة من أهمّ مناطق الإنتاج الزراعي في الجنوب السوري، عبر التعلُّل بـ«مخاطر الطريق». وعلى رغم أن هذا الرفض ضرب عرْض الحائط بالميل الشعبي نحو إنهاء أسباب التوتّر التي قد تعيق عملية تسويق مواسم المدينة، تستمرّ الاتّصالات لتحديد موعد لعقْد أولى جلسات الحوار. وكانت الحكومة دفعت بتعزيزات عسكرية إلى الأطراف الشمالية والغربية من جاسم، وطريقَي جاسم - سلمين وسلمين - العالية، ومحور تل المحاص، بهدف تأمين الطُرق الأساسية الواصلة إلى المدينة من جهة، وإلى القطعات العسكرية السورية من جهة أخرى. وتُشير المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار» إلى وجود عناصر متطرّفة في حي العالية، والطرف الجنوبي الغربي من جاسم، الأمر الذي تنفيه «لجنة التفاوض»، على الرغم من تسجيل عدّة حوادث، قطَع فيها مسلّحون مجهولون الطُرق أمام عسكريين ومدنيين، وعمدوا إلى تصفيتهم بأسلوب يشير إلى كون المُنفّذين مرتبطين بتنظيم «داعش»، الذي كان يعمل القيادي العراقي عبد البائع، والذي يلقَّب «أبو سالم العراقي»، على إعادة تشكيله، قبل أن يُقتل في عملية أمنية سورية في قرية عدوان القريبة من جاسم. وبحسب المعلومات، فإن «أبو سالم العراقي» كان قد خلق لنفسه موطئ قدم في جاسم وطفس على حدّ سواء، نظراً إلى أهميتهما من حيث الموقع الجغرافي، وحجمهما من حيث المساحة والتعداد السكاني، إضافة إلى ميْل قيادات الفصائل المسلّحة في هاتَين المدينتَين نحو العودة إلى ما قبل صيف عام 2018، تاريخ سيطرة الحكومة السورية على الجنوب من خلال سلسلة من المعارك والمصالحات. وكانت جاسم قد شهدت، في آذار من العام الحالي، اشتباكات عنيفة بين القوى الأمنية ومجموعات من المسلّحين، انتهت باتفاق بين الحكومة ولجنةٍ مثّلت وجهاء المدينة الذين تعهّدوا بالتهدئة. وعلى رغم التطوّرات الأخيرة، تؤكّد مصادر ميدانية سورية، في حديث إلى «الأخبار»، أن دمشق ليست في صدد تفعيل الخيار العسكري حالياً، مضيفة أن الضغط على الفصائل المسلّحة من خلال محاولة شلّ حركتها، يستهدف التمهيد لعملية تفاوض «جدّية» تأخذ في الاعتبار الشروط الحكومية، متابعةً أن «الغاية من كلّ ذلك هي إنهاء بؤر التوتّر وتفكيك مستودعات السلاح غير الشرعي المحتمَلة الوجود في جاسم»، وهو ما يتّسق مع مزاج شعبي يميل لصالح الحكومة في المدينة التي تردف السلّة الغذائية السورية بمواسم، إنْ لم تُسوَّق فستكون خسائر فلّاحيها بأرقام مهولة.
تؤكّد مصادر ميدانية أن دمشق ليست بصدد تفعيل الخيار العسكري حالياً


يُذكر أن تنظيم «داعش» كان قد ظهر للمرّة الأولى بشكل علني من خلال «جيش خالد بن الوليد»، في نيسان من عام 2016، وذلك إثر اندماج فصائل «لواء شهداء اليرموك» و«حركة المثنى الإسلامية» و«جيش الجهاد». وبعد أن أعلن الفصيل الجديد بيْعته لزعيم «داعش» الأسبق، أبو بكر البغدادي، سيطر على منطقة حوض اليرموك، وهي آخر المناطق التي استعادتها دمشق في الجنوب السوري عام 2018، وكانت شهدت قبل هذا التاريخ، اشتباكات عنيفة بين «داعش» والفصائل المسلّحة». غير أن ما يدور اليوم في جاسم، يُنبئ بمصالحة بين ما تبقّى من هذه الفصائل وقيادات التنظيم التي تتوارى في الجنوب السوري بحثاً عن رحِم يولد منه «داعش» جديد، ولو بمسمّى آخر. وفي خضمّ تلك التطوّرات، ظهر قائد اللواء الثامن في الفيلق الخامس، أحمد العودة، في تسجيل مصوَّر في مدينة بصرى الشام جنوب شرق درعا، بعد قرابة العام من غيابه عن المشهد الجنوبي، حيث رُجّحت وقتذاك مغادرته إلى الأردن. ويُعتبر العودة من أبرز القادة السابقين للمسلّحين، وقد انخرط في تسوية مع الحكومة ليقود بعدها إحدى التشكيلات المكوَّنة ممّا يُعرف باسم «عناصر التسويات». ولم يعلن العودة، طيلة فترة غيابه، أيّ موقف معادٍ للدولة، فيما تُشير عودته الآن إلى إمكانية لعبه دوراً في المفاوضات التي قد تشهدها أيّ منطقة من درعا، على غرار الدور الذي لعبه نائبه، علي باش، في مفاوضات مدينة طفس أخيراً.