غزة | على نار هادئة، يجهّز القيادي في حركة «فتح» وعضو «اللجنة المركزية لمنظّمة التحرير»، حسين الشيخ، المسرح ليكون الوريث الوحيد لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. إذ يسعى الشيخ إلى تهشيم كلّ منافسيه، وفق مخطط من شأنه تصديره في النهاية على أنه المنقذ للحركة والسلطة والحالة الفلسطينية عموماً، بعد مغادرة عباس المشهد. واحتدمت الخلافات، أخيراً، بين الشيخ وعضو «اللجنة المركزية لحركة فتح» توفيق الطيراوي، الذي يعارض توجهات الأول، ويرى أنه الأجدر بالقيادة، الأمر الذي رأى فيه «أبو تالا» تهديداً داهماً له، ينبغي التخلُّص منه.وعلمت «الأخبار» أن هذه الخلافات وصلت مراحل متقدمة جداً، وسط ميل عباس إلى الشيخ، الذي قدّم تعهّدات بأن يسير على نهْج رئيسه، وألا يمس بمصالح عائلة «أبو مازن» في الضفة الغربية المحتلة وفي الأردن، بعد ترْك الأخير منصبه. وبحسب مصادر «فتحاوية»، فإن «النزاع أصبح أكثر خطورة على الحركة، حيث يجهّز الشيخ لتقديم الطيراوي للمحاكمة خلال الفترة المقبلة، وفق السيناريو نفسه الذي تمّ به طرد محمد دحلان عام 2011، عندما اتُّهم بقضايا فساد، وداهمت الشرطة على إثر ذلك منزله واعتقلت حراسه». ويشمل الملف الذي يجهزه مقربون من «أبو تالا» ملفات فساد مالية وأخلاقية ضد الطيراوي، سيتم تقديمها لرئيس السلطة ولمحكمة «فتح»، تمهيداً لفصل الرجل من منصبه وإزاحته عن المشهد. وفي حال فشل هذا الخيار، فإن التجهيزات تجري لئلا يُنتخب الطيراوي مرة أخرى عضواً لـ»اللجنة المركزية» في المؤتمر الثامن للحركة، والمتوقع انعقاده نهاية العام في حال استكملت الإجراءات اللازمة.
ثمة توجُس لدى قيادة السلطة من الذهاب إلى خطوات فجّة ضد الطيراوي


وكشفت المصادر نفسها أن الشيخ بدأ، بالتعاون مع حليفه ماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات العامة، سلسلة اتصالات مع عدد من المؤيدين للطيراوي داخل «فتح»، لضمان ولائهم وشراء ذممهم، وسط ترويج لكون الطيراوي يسلك طريقاً معادياً لعباس، وتهديد بأن مصير كل مَن يقف معه سيكون مثل مصير دحلان وأنصاره. وتتضمن الخطة التي رسمها «أبو تالا»، أيضاً، تصوير نفسه بوصْفه المسؤول عن تحسُّن الوضع الاقتصادي لعناصر «فتح» وقياداتها في الضفة بدرجة أساسية، والساعي إلى محاربة الفساد الذي يضع له الآن عنواناً وحيداً هو الطيراوي. وبدا لافتاً، في هذا السياق، إصدار عباس، في منتصف الشهر الحالي، قراراً بتنحية توفيق من منصبه رئيساً لـ»جامعة الاستقلال الأمنية» في أريحا، على خلفية تقرير رُفع إليه يتحدث عن تجاوزات مهنية ومالية وتعيينات بموجب محسوبيات لمقرَّبين من الرجل، وذلك بعد أيام من نشر تسجيل للطيراوي يهاجم فيه زملاءه في «اللجنة المركزية»، حسين الشيخ وجبريل الرجوب ومحمود العالول.
وعلى رغم هذه الحملة الكبيرة ضد الطيراوي، إلا أن هناك توجساً لدى قيادة السلطة من الذهاب إلى خطوات فجّة ضد الرجل، وذلك خشية استثارة أنصاره في عدد من مدن الضفة التي يحظى فيها بشعبية. ومع هذا، يضغط الشيخ على عباس لتسريع التخلص من الطيراوي، حتى يكون بمثابة «درْس» للقيادات «الفتحاوية» الأخرى التي تفكر في منافَسة «أبو تالا». ومن هنا، جرى تقديم تقرير لـ»أبو مازن» يتضمن معلومات عن قيام «جامعة الاستقلال» بتنفيذ عمليات ومشاريع بأوامر من الطيراوي من دون وجْه مسؤولية، بما يشمل العمل في مجال العقارات وبناء الفلل في أريحا، وإنشاء مشروع لزراعة النخيل في المنطقة نفسها قرب مبنى الجامعة، من دون أن يدْخل ريْع هذه المشاريع إلى حساب المؤسسة، بل وذهابه إلى جيوب متنفّذين فيها لم تُذكر أسماؤهم. وعلى هذه الخلفية، كشفت مصادر محلّية فلسطينية أن عباس قرر وضع ملف الطيراوي على طاولة الاجتماع المقبل لـ»اللجنة المركزية» خلال الأسبوع الجاري، حيث سيجري بحث سحْب صلاحياته، ومطالبتِه بتسليم ملف لجنة التحقيق بمقتل الرئيس الراحل ياسر عرفات، وإحضار فواتير بالأموال التي صُرفت خلال فترة عمل اللجنة، بالإضافة إلى دراسة جدوى بقاء ملف المنظمات الشعبية في الحركة معه، وكل ما تَقدّم تمهيداً لفصله من «المركزية».