لكن الحساسية الأساسية التي أثارتها الزيارة كانت لدى «التيار الصدري»، لاسيما وأن كتلة الحكيم في مجلس النواب تعاظمت بعد استقالة كتلة التيار من مجلس النواب، حيث ارتفعت الأولى من ثلاثة نواب إلى أكثر من 13 نائباً، وهو ما أعطى بدوره دفْعة لأداء الحكيم. وانتقد «وزير القائد» التابع للصدر، صالح محمد العراقي، زعيم "الحكمة" من دون أن يسمّيه، قائلاً في بيان إن «من الملفت للنظر أن أحدهم توجّه إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة بعد انتهاء جلسة الحوار ببضع ساعات»، مضيفاً: «لو كُنّا نحن الفاعلين لقالوا إن جلسة الحوار كانت بضغط من الخارج، وإشعاراً من التطبيعيين والأميركيين وما شاكل ذلك»، علماً أن الصدر تعرّض بالفعل لموجة انتقادات حين زار المملكة عام 2017 والتقى ابن سلمان.
"الحكمة" رداً على انتقادات "وزير القائد": لم نعترض على زيارة الصدر للمملكة
من جهته، شدّد الحكيم، في سلسلة تغريدات خلال الزيارة، على أن «حلول الأزمة العراقية لا بدّ أن تكون عراقية بلا ضغوط خارجية»، معتبراً أن «الحوار بين مختلف الأطراف هو السبيل الأمثل للوصول إلى حلول مُرضية للانسداد السياسي الحالي». وأكد «أهمّية التكامل بين البلدَين الشقيقَين الجارَين ومردوده الإيجابي على مختلف قطاعات التعاون الثقافي والاقتصادي والعلمي، لاسيما أن البلدَين يمثّلان ثقلاً اقتصادياً إقليمياً ودولياً». كما أشاد بالوساطة العراقية بين السعودية وإيران، وكذلك «بالخطط التنموية لولي العهد لاسيما رؤية المملكة 2030، وانعكاسات تلك الخطط الإيجابية على دول الإقليم عامة والعراق خاصة».
لكن الردّ المباشر على الانتقادات المُوجَّهة إلى الزيارة، جاء على لسان مدير مكتب الحكيم وعضو المكتب السياسي ل"تيار الحكمة"، صفاء الكناني، الذي نفى انتقاد زعيم التيار زيارة الصدر للسعودية، قائلاً ل"الأخبار" إن "المُراجِع لمواقف السيد الحكيم وتصريحاته، يعرف أنه لم يعترض على أيّ زيارة من أيّ مسؤول لأيّ دولة، شرط أن تكون في مصلحة البلد وحفظ سيادته. إضافة إلى ذلك، الزيارة الحالية ليست الأولى إنما الثانية، فقد سبقتها زيارة لشهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم"، لافتاً إلى أن "السيد الحكيم يعتقد بعراق منفتح على الجميع، ويرى أن العراق دون غيره مؤهل لأن يكون قريباً من الجميع". وعمّا إذا كانت للزيارة علاقة بالتطورات الداخلية العراقية، أشار الكناني إلى أن "اللقاءات ذات الطابع السياسي أو البروتوكولات لا تُنظّم في لحظتها، وإنما يتمّ الترتيب لها مسبقاً، وزيارة السيد الحكيم للسعودية جاءت تلبية لدعوة سابقة، لكنها تزامنت مع أحداث عراقية، فصار من الطبيعي المقارنة بين الزيارة والحدث"، معتبراً أن "هناك الكثير من التطورات التي كشفتها الأزمة السياسية الحالية، منها أن الصراع لم يرتقِ إلى مستوى الصدام المسلح على رغم شعور الجميع بفائض القوة، فضلاً عن تراجع التدخل الدولي أو الإقليمي".
وعمّا إذا كانت للزيارة علاقة بالوساطة العراقية بين إيران والسعودية، أوضح الكناني أن "السيد الحكيم ليس وسيطاً بين البلدين، وإنما هو شخصية مقبولة ومحل ثقة الطرفين، وهو من أوائل الشخصيات التي دعت إلى تصفير الأزمات، وإلى حوار سعودي إيراني مصري عراقي تركي". وحول زيارة الحكيم للقطيف، وما إذا كانت في سياق التقريب بين المذاهب، أوضح أن "التقريب بين المذاهب مشروع له مؤسّساته... كما أن السيد الحكيم يرى أن الشيعة في عموم العالم تربطهم روابط محدّدة على المستوى العقدي، كونهم شيعة. أما على المستوى الوطني، فهم مرتبطون بعقد اجتماعي داخل بلدانهم، إضافة إلى أنهم متنوعون ومن مشارب عدة، والزيارة للقطيف تأتي ضمت العنوان العقدي للشيعة".