على درب بعض أسلافه من قادة المؤسسة الأمنية، سار رئيس الموساد الإسرائيلي، تامير باردو، في تقديره خطورة «التهديد النووي الإيراني»، فهو رأى أنه لا يحتل المرتبة الأولى في قائمة التهديدات على الأمن القومي، مانحاً هذه المرتبة للصراع مع الفلسطينيين. ويخالف موقف باردو السياسة التي يقودها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، فالأخير يهدف إلى تصوير النووي الإيراني على أنه خطر وجودي لا يحتمل التأجيل.
كذلك ينسجم هذا الموقف مع تصريحات أدلى بها سلفه في المنصب، مئير دغان، ورئيس «الشاباك» السابق، يوفال ديسكين، اللذان شدّدا في مناسبات مختلفة على ضرورة أن تعطي إسرائيل الأولوية لـ«حل النزاع مع الفلسطينيين»، وقد وصف دغان أي هجوم على إيران بـ«الغبي»، فيما اتهم ديسكين، نتنياهو، بأنه مهووس بالخطر الإيراني. تصريحات رئيس الموساد جاءت في ندوة منزلية، الخميس الماضي، حضرها عشرات رجال الأعمال، وكشفت صحيفة «هآرتس» أمس عن فحواها. ونقلت الصحيفة عن أحد المشاركين قوله إن باردو خصص الجزء الأخير للإجابة عن أسئلة سياسية وأمنية وجّهها الحاضرون، وطلب منه أحدهم إحصاء التهديدات المركزية التي تواجه إسرائيل، فقال باردو إن التهديد الأساسي على إسرائيل هو «النزاع مع الفلسطينيين»، مكرراً الأمر أكثر من مرة. وبحسب «هآرتس»، عندما سأل أحد المشاركين باردو عن التهديد النووي الإيراني، فاجأ الحاضرين بالإجابة «هذا هو التهديد الثاني في أهميته»، مشيراً إلى أن إيران قد تطور في المستقبل سلاحاً نووياً أو تحاول اقتناء قنبلة نووية «ولكني ما كنت أوصيكم بالمسارعة إلى الحصول على جواز سفر أجنبي». ووفقاً لأحد المشاركين، فإن أقوال باردو أثارت الانطباع بأنه ليس شريكاً في شعور الإلحاح الذي تعكسه خطابات نتنياهو بشأن التهديد النووي الإيراني، وأن الأمر لا يتعلق برأيه بتهديد جوهري على إسرائيل في هذه المرحلة، فضلاً عن كونه تهديداً وجودياً.
ومن بين التهديدات التي أحصاها باردو سيطرة «الدولة الإسلامية» على أجزاء من العراق والخطر الذي يمكن أن يتعرض له استقرار النظام الملكي في الأردن. وبحسب الصحيفة، قال باردو «إن هذا تهديد مقلق جداً بالنسبة إلى إسرائيل. وهم يأتون لكي يبقوا. هذا تنظيم يؤمن بالقتل لغرض القتل... و«حماس» تعتبر معتدلة مقارنة بهم». وإذ شدد باردو على قدرة الجيش الأردني على مواجهة هجوم لـ«الدولة الإسلامية» من جهة العراق، رأى أن «المشكلة أوسع من ذلك»، مشيراً إلى أن خليط الخطر المكون من هجوم محتمل لـ«الدولة الإسلامية» من العراق مع وجود أكثر من مليون لاجئ عراقي وسوري في الأردن، الأمر الذي من شأنه برأيه أن يهدد استقرار المملكة». وتعقيباً على النشر، أصدر مكتب رئاسة الوزراء التي يتبع لها «الموساد» تعليقاً باسم المنظمة جاء فيه أن «رئيس الموساد عرض المشاكل الأمنية الثلاث التي تقف أمامها إسرائيل: السباق الإيراني نحو النووي، النزاع الفلسطيني والجهاد العالمي. وفي مسألة النووي الإيراني، قال رئيس الموساد إن على إسرائيل أن تفعل كل شيء كي تمنع إيران من التسلح بسلاح نووي».