نشر المتحدّث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، آفيخاي أدرعي، أوّل من أمس، مقطعاً مصوَّراً زعم فيه الكشف عن أنفاق وغرف عمليات ومصانع أسلحة أنشأتها المقاومة وسط الأحياء المدنية، وهو ما يمكن أن يُعرّض حياة ساكني هذه الأحياء للخطر، في حال حدوث أيّ خلل، كما قال. وادّعى أدرعي وجود موقع لتصنيع الأسلحة على بُعد 60 متراً من مستشفى الشفاء، وآخر على بُعد 55 متراً من عيادة تابعة لـ«الأونروا»، مدعّماً مزاعمه بصُور للمباني وفتحات الأنفاق، يَظهر أنها التُقطت من طائرة مسيّرة. كما تحدّث عن ما قال إنه مخزن أسلحة بالقرب من أحد المساجد في حيّ البريج، وآخر بجوار مكتبة عامة تتلقّى تمويلاً من بنك ألماني، بالإضافة إلى ثالث بمحاذاة أحد المساجد في حيّ النصيرات، فضلاً عن رابع مُقام على سطح منزل أحد عناصر «حماس». كذلك، أشار إلى مسارات عدد من الأنفاق التي تمرّ من أسفل بعض المنازل والمصانع والمدارس، وفق ادّعائه. مصادر في المقاومة فنّدت، في حديثها إلى «الأخبار»، حديث كوخافي، مؤكدة أنه «يحتوي على قدْر كبير من الأكاذيب»، مبيّنةً أن «بعض المعلومات والصور قديمة، وأخرى ملتبسة ومحمَّلة أكثر ممّا تَحتمل». وتساءلت المصادر: «إن كان جيش الاحتلال يمتلك هذا الكنز المعلوماتي، فلماذا يهديه للمقاومة في هذه المسرحية»، معتبرة أن العدو «ألقى حجراً، ويترقّب ردّة الفعل، بمعنى أنه قدّم معلومات هو يعلم أن كَذبها أكثر من صِدقها، وتحمل قدْراً من الاستفزاز، كي يرصد ردّة الفعل التي من الممكن أن تحمل معلومات ذات قيمة». بدورها، وصفت حركة «حماس» الصور والمعلومات التي بثّها جيش الاحتلال بأنها «محْض أكاذيب وافتراء». ورأى المتحدّث باسم الحركة، حازم قاسم، في تصريح صحافي، أن «نشر الاحتلال لهذه الصور يعبّر عن أزمته الحقيقية التي يواجهها أمام مؤسّسات حقوق الإنسان والجهات الدولية (...) بعض المشاهد هي لأماكن ارتكب الاحتلال فيها مجازر ضدّ المدنيين في معركة سيف القدس، وهي مرفوعة الآن أمام جهات قانونية دولية لملاحقة مجرمي الحرب». وقدّر القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي»، أحمد المدلل، من جهته، أن ما نشره العدو «يعكس حالة الفشل والتخبُّط الأمني والمعلوماتي التي تعيشها المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية، وتحاول من خلالها التفريق بين المقاومة وحاضنتها الشعبية، والتمهيد أيضاً لارتكاب جرائم جماعية جديدة في أيّ مواجهة مقبلة».
وفي السياق نفسه، يرى المحلّل السياسي، حسن لافي، أن حديث أدرعي يجلّي «أحد أهمّ التطوّرات التي أدخلتها المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية على استراتيجية المعركة بين الحروب، والقائم على الدمج ما بين المعلومات الأمنية والأساليب الإعلامية والعمل الدبلوماسي، من أجل إحداث تأثيرات سلبية متعدّدة المستويات». ويوضح لافي، في حديث إلى «الأخبار»، أن هذا الأسلوب «يستهدف في المقام الأوّل الحاضنة الجماهيرية، بحيث تتحوّل تلك الحاضنة إلى قوّة ضاغطة على المقاومة لمنعها من الإقدام على أيّ فعل هجومي أو رادع للعدو الإسرائيلي»، مضيفاً أن «الهدف الثاني هو المنظومة الأمنية لدى المقاومة، من خلال محاولة اغتيالها معنوياً والتشكيك في قدراتها وهزّ منظومتها». أمّا الهدف الثالث، وفق المحلّل نفسه، فهو «التَّوجّه إلى المجتمع الدولي المتعاطف مع الشعب الفلسطيني، والذي يلاحق الاحتلال على مجازره تجاه شعبنا الأعزل، من خلال شيطنة غزة ومحاولة تصويرها على أنها ثكنة عسكرية، بما يتوافق مع المخطّطات العسكرية لجيش العدو - خطّة الزخم تنوفا حالياً، وعقيدة الضاحية سابقاً -».
مصادر في المقاومة أكدت لـ«الأخبار» أن حديث كوخافي «يحتوي على قدْر كبير من الأكاذيب»


بدوره، يعتقد الباحث السياسي، إسماعيل محمد، أن هدف الاحتلال من وراء ما نشره، هو «التظاهر بأنه يمتلك إحاطة معلوماتية كاملة بمواقع المقاومة وأنفاقها، وتلك محاولة للتأثير على الوعي الجمْعي لحاضنة المقاومة، على رغم أنها مزاعم فارغة، لأن من يسير في غزة على قدمَيه بإمكانه مشاهدة أنشطة المقاومة التي يُرفع فوقها علم لها، أين البطولة في ذلك لجيش يمتلك أقوى قوّة تكنولوجية في المنطقة؟». ويتابع محمد، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «جيش العدو يريد تأجيل أيّ احتمالية ممكنة للتصعيد حتى شهر تشرين الأول المقبل، إذ إن لديه طاولة مزدحمة بالمناطق الساخنة، لذا، ظهر منسّق الجيش مُعلِّقاً على فيديو أدرعي، بالتلويح بأن أيّ خرق للهدوء سيقود إلى وقْف التسهيلات التي قدّمتها دولة الاحتلال أخيراً على صعيد العمل في الداخل المحتل، في حال عادت المقاومة إلى أساليب كسر الحصار، أو حتى اضطرّت للتوجُّه إلى التصعيد».