بغداد | لم يكن ممكناً لقوى «الإطار التنسيقي» الاتّفاق على ترشيح مؤسِّس «تيّار الفراتَين»، محمد شياع السوداني، لمنصب رئيس الوزراء، لولا انعدام حظوظ رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، بعد التسريبات الأخيرة التي هاجم فيها كثيراً من الشخصيات العراقية، ولاسيما خصمه السياسي، زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر. يبْقى السؤال هو: هل يمثّل رئيس تيّار صغير في مجلس النواب كالسوداني، مَخرجاً في ظلّ انسداد العملية السياسية نتيجة النزاعات بين الكبار، بحيث يجري تمرير المرحلة حتى الانتخابات النيابية المقبلة، سواءً كانت مبكرة أو عادية. الإجماع داخل «التنسيقي» على السوداني، يعني قبول المالكي بالتنحّي جانباً، بعدما كان يصرّ على أن يكون هو مرشّح «الإطار»، لكونه يترأّس أكبر حزب فيه، وهو «ائتلاف دولة القانون». كما يعني احتمال عدم ممانعة الصدر الذي يثير ترشيحُ المالكي حساسية خاصة لديه، نظراً للخصومة بينهما، على رغم أن السوداني الذي يقدّم نفسه كمستقلّ حالياً، تعود جذوره إلى حزب «الدعوة» الذي يُعتبر أحد حاملي إرثه؛ إذ فقد والده وخمسة من أفراد عائلته بالإعدام لانتمائهم إلى الحزب قبل 42 عاماً، أي حين كان هو في العاشرة من عمره.عدم امتلاك السوداني كتلة وازنة في مجلس النواب، حيث تضمّ كتلته ثلاثة نواب فقط، بعد حصوله على اثنَين من بدلاء «الصدريين» المستقيلين، يجعله مرشّحاً وسطاً داخل «التنسيقي» أوّلاً؛ فلو جرى ترشيح شخصية كبيرة من «الإطار»، كان ذلك سيثير حساسية المالكي، الذي يَعتبر نفسه الأحقّ من بين قادته. كما يرسل الترشيح برسالة إلى الصدر مفادها أن تشكيل الحكومة الجديدة هدفه تقطيع المرحلة الحالية، علماً أن الأخير يراهن على فشل أيّ حكومة يؤلّفها «الإطار»، ليمهّد هذا لانتخابات جديدة تقوده، كما يأمل، إلى الفوز بغالبية واضحة تتيح له تشكيل حكومة لا تضمّ خصومه. وعليه، يمكن أن يفتح ترشيح السوداني الطريق إلى تشكيل حكومة جديدة، بعد اتفاق الأكراد على اختيار رئيس جديد للجمهورية. إذ صار «التنسيقي» يملك أكثر من 160 نائباً في مجلس النواب المؤلَّف من 329 مقعداً، ما يعني سهولة الحصول على الغالبية المطلوبة للحكومة في حال التوصُّل إلى صفقة تشمل انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة.
بدأ السوداني حياته السياسية قائمقاماً للعمارة في عام 2004، ثمّ محافظاً لها


ويقول القيادي في «التنسيقي»، جبار المعموري، لـ«الأخبار»، إن «السوداني هو الخيار الصحيح بعد هذه المدّة الطويلة، وسوف يتّفق الجميع عليه لأن الإطار متّفِق عليه، والمناصب التي شغلها تجعله شخصية قوية واعدة»، مُعبِّراً عن اعتقاده بأن «مقتدى الصدر سيوافق عليه، أو لن يتكلّم بخصوصه لأنه كان عنده فيتو على المالكي وحزب الدعوة، والرجل مستقلّ، ويحبّ الجميع، ولا أعتقد أنه سيَصدر رد فعل قوي من الصدر بهذا الخصوص، مع أنه يمكن أن يثار كلام في الشارع ولكن أخفّ ممّا لو كان المرشّح نوري المالكي». ويرى المعموري أن «الأمور تسير إلى خير، والاختيار عراقي للكتلة الأكبر، وهي الكتلة الشيعية في مجلس النواب»، آملاً في أن «يؤدّي السوداني مهامه على رأس حكومة الخدمة الوطنية، ونأمل من الجميع أن يجلسوا تحت قبّة عراقية من أجل رفع العوز والضيم عن هذا الشعب».
والسوداني بدأ حياته السياسية قائمقاماً للعمارة في عام 2004، ثمّ محافظاً لها، ثمّ وزيراً في سبع وزارات بالأصالة والوكالة منذ عام 2010، أي عندما كان المالكي رئيساً للوزراء، منها العمل والصناعة والتجارة وحقوق الإنسان، كما اشترك في جميع الانتخابات النيابية، ولم يخسر مقعده النيابي أبداً في الدائرة السابعة في بغداد - الرصافة، التي تُعدّ دائرة صعبة انتخابياً.