كما كان متوقّعاً، أُلغي اجتماع «اللجنة الدستورية» السورية في الـ25 من تموز الجاري، وذلك بعد الهجوم السياسي الذي شنّته كل من دمشق وموسكو على جنيف، المكان الذي تُعقد فيه اجتماعاتها، فيما اكتفى المبعوث الأممي، غير بيدرسن، في إعلانه تعثُّر الاجتماع، بالتلميح إلى أن صراعات في أماكن من العالم، تؤثّر في العملية السياسية في سوريا. وجاء الهجوم الروسي - السوري على العاصمة السويسرية، خلال الاجتماع الأخير لـ«مسار أستانا»، الذي لطالما نُظر إليه في الغرب بوصفه محاولة لخلْق مسار بديل عن مسار جنيف الذي ترعاه الأمم المتحدة، خصوصاً أن الأطراف المشاركة فيه، هي: روسيا، وإيران، وتركيا. ومن خلال هذا المسار، تُناقَش ملفّات، أبرزها: الاستقرار الأمني، والمعتقلين، والمختطفين، والمفقودين، والتي تسمح لهذه الدول بتحقيق إنجازات، سواء على صعيد عمليات تبادل أدّت إلى الإفراج عن عشرات المعتقلين من مختلف الأطراف، أو اتفاق المناطق الآمنة الذي غيّر وجه الصراع في سوريا.
يسعى بيدرسن إلى أن تلعب إيران دوراً في تدارك الوضع والعودة إلى جنيف

وعبّر عن الموقف الروسي، مبعوث موسكو إلى دمشق، ألكسندر لافرينتييف، الذي قال إن بلاده «لم تَعُد ترى في جنيف مكاناً مناسباً للمحادثات بين السوريين». وسرعان ما انضمّ إليه معاون وزير الخارجية السوري، أيمن سوسان، معتبراً أن سويسرا تخلّت عن حيادها التاريخي، فيما ربط موقف دمشق من المشاركة، بالعقوبات المفروضة على البلدين. وجاء الاختلاف على صلاحية جنيف بعد الحرب الروسية - الأوكرانية، وتصاعُد حدّة المواجهة بين موسكو والغرب، وما نتج منها من تشديد للعقوبات على روسيا، التي اتّخذت سوريا موقفاً حاسماً إلى جانبها. وفيما لم يُقدّم بيدرسن تفاصيل كاملة عن سبب الإلغاء، لكنّه أشار، في بيان، إلى أهميّة قيام جميع الأطراف المعنية في هذا الصراع، بحماية العملية السياسية السورية. وبحسب مصدر في مكتب المبعوث الأممي تحدّث إلى «الأخبار»، فإنه بناء على الاتفاق الذي جرى خلال الجولة الثامنة حول تحديد موعد الجولة التاسعة بين 25 و29 تموز 2022، أُرسلت دعوات إلى الأطراف الثلاثة المعنيّة المكوِّنة للّجنة (حكومة - معارضة - مجتمع مدني)، في أواخر حزيران الماضي. وأكد وفدا المعارضة والمجتمع المدني المقيم خارج سوريا حضورهما، بينما تأخّر ردّ الوفد المسمّى من الحكومة، وكذلك وفد المجتمع المدني من دمشق، قبل أن يأتي حاسماً لجهة رفض قبول الدعوة. وقالت إحدى عضوات اللجنة عن المجتمع المدني في دمشق، لـ«الأخبار»، إن الامتناع عن تلبية دعوة الأمم المتحدة لحضور اجتماع «الدستورية»، يأتي انسجاماً مع موقف دمشق حول عدم حيادية جنيف.
في هذا الوقت، يحاول بيدرسن إصلاح ما أمكن، ويسعى إلى أن تلعب إيران دوراً في تدارك الوضع والعودة إلى جنيف. وفي هذا السياق، التقى، يوم أمس، مساعد وزير الخارجية الإيراني، علي أصغر خاجي، وناقش معه، بحسب مصادر «الأخبار»، الدور الذي يمكن الجمهورية الإسلامية أن تلعبه في تقريب وجهات النظر، والحفاظ على استمرار «الدستورية»، بعيداً من آثار الصراع في أوكرانيا.