الخليل | لا تزال مدينة الخليل جنوبي الضفة المحتلة واقعة تحت النار الإسرائيلية باتجاهين، الأول تقوده قوات الاحتلال التي تحمل أوامر عسكرية بهدم منازل في المدينة، والثاني توكل به المستوطنون الذين يحاولون خطف أطفال فلسطينيين، وإذا تعذر فإيذاؤهم ومحاولة قتلهم! فبعد تفجير بيتي المتهمين بقتل ثلاثة مستوطنين أول من أمس، تقدمت قوات من جيش الاحتلال فجر أمس وحاصرت منزل الأسير زياد عواد من بلدة اذنا (12 كم غربي الخليل)، ثم أقدمت على تفخيخ الدور الثاني من المنزل وتفجيره.
وكالعادة منع الاحتلال سيارات الإسعاف والطواقم الصحافية من الوصول إلى المنطقة، ما حدا بالصحافيين إلى تصوير المشهد من سطوح منازل قريبة.
وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية قد أصدرت أول من أمس (الثلاثاء) التماسا ضد هدم منزل عواد الذي يدعي الاحتلال أنه مسؤول عن قتل الضابط في الشرطة الإسرائيلية، باروخ مزراحي، عشية عيد الفصح اليهودي قرب اذنا، لكن القضاة الإسرائيليين قرروا أن جيش الاحتلال هو صاحب السلطة في هدم بيوت منفذي العمليات برغم تعليق هذه السياسة منذ مدة. وجرى تنفيذ القرار برغم أن المنزل الذي فجره الاحتلال لا يملكه الأسير زياد، بل يعود إلى شقيقه محمد، وفق الأوراق الثبوتية الصادرة من بلدية اذنا. مقابل ذلك، نشبت مواجهات عنيفة بين الشباب الفلسطينيين وقوات الاحتلال في محاور حي واد البير ومقبرة الشهداء وسط اذنا، واستخدم الاحتلال القنابل الصوتية والعيارات المطاطية والحية، ما أدى إلى إصابة 10 مواطنين بجراح 6 منهم بالرصاص الحي، فيما انفجرت قنبلة صوتية في الطفلين أحمد ومحمد سليمية (13ـ14 عاما)، ما سبّب تهشم منطقة البطن والوجه لديهما.
«الأخبار» وصلت المنطقة بعد فك الاحتلال طوقه، وأجرت لقاءات مع عائلة الأسير عوّاد. هناك قالت والدته: «اقتحموا منزلنا عند السحور واعتدوا علينا بالضرب (جنود الاحتلال)... لقد شردونا من بيتنا الذي لم يعد صالحا للسكن رغم أن المحكمة قررت هدم طابق واحد لكنهم خربوا البيت كله». وتضيف الوالدة: «أبنائي عاشوا أيتاما بعد وفاة أبيهم في مقتبل عمرهم، وقضوا جل أعمارهم في سجون الاحتلال». عن ولدها زياد (45 عاما) الذي تتهمه سلطات الاحتلال بقتل ضابط إسرائيلي، تعقّب: «هو خرج من السجن في صفقة جلعاد شاليط الأخيرة عام 2011، بعدما قضى 12 سنة في السجن... ها هو يعود خلف القضبان من جديد». أما زوجته، حنان عواد، فقالت لـ«الأخبار»: «المنزل فدا أبو عز الدين، والمال معوض، وسنصبر ونصمد ونعيد بناء البيت».
تعليقا على التصعيد في الخليل، قال المحلل السياسي المتخصص في الشأن الإسرائيلي، عادل شديد، إن القراءة الإسرائيلية للحالة العربية والصمت العالمي «تبيح للاحتلال الدم الفلسطيني والاعتداءات علنًا». وأضاف للأخبار: «هناك حالة مزايدات ومنافسة داخل تشكيلة الحكومة الإسرائيلية على من يطرح مواقف أكثر تطرفا كأن فيهم من يتعطش لرؤية جنائز فلسطينية».
على صعيد متصل، نفذ المستوطنون جملة اعتداءات أبرزها دهس مستوطن طفلة فلسطينية قرب قرية الجبعة (شمال الخليل)، وتدعى الطفلة سنابل الطوس وعمرها ٩ سنوات. وفق الشهود كانت عملية الدهس متعمدة، ما أدى إلى إصابة الطوس بجروح خطيرة جعلتها ترقد في العناية المركزة بعد كسور في أنحاء الجسم، ولا سيما الحوض والرأس، علما أنه منعت سيارة الإسعاف من الوصول إلى المكان بسبب كثافة وجود المستوطنين، كما يلقي المستوطنون الحجارة على سيارات المواطنين المارة اتجاه دوار عصيون جنوب بيت لحم، وعلى مفرق بيت عنون شمال الخليل، فيما نظم مئات منهم مسيرة اتجاه الحرم الإبراهيمي ورددوا شعارات طالبوا بالانتقام من العرب.
هنا قال شديد: «انفلات المستوطنين نتيجة طبيعية لحملة التحريض الإعلامية التي تقف خلفها المؤسسة الرسمية في تل أبيب، من أجل التغطية على إخفاقها وتفريغ شحنة الغضب في الضفة بدلا من الداخل». وذهب أبعد من ذلك في إشارته إلى أن الاستفادة الإسرائيلية مما جرى «تتجلى في إعادة الوضع السياسي للسلطة إلى نقطة الصفر، وذلك بإنهاء ما بقي من صلاحيات مدنية للحكومة في رام الله، وتخفيض السقف السياسي الفلسطيني بتحويل السلطة إلى كيان أمني إداري دون قرار وطني وحاضنة شعبية" صارت غاضبة عليها.

تم تعديل هذا النص عن نسخته الورقية بتاريخ ٣ تموز ٢٠١٤