حلب | استقبلت مدينة حلب شهر رمضان بصيام إجباري فرض على أهاليها، بعد استمرار غياب مياه الشرب. من جديد، عاد مشهد الشوارع الممتلئة بالطوابير التي تعجّ بالناس من كل الفئات العمرية، منتظرة دورها للحصول على المياه. بعضهم يحلم بملء عبوات صغيرة، في ظل الجو الحار بعدما فاقت درجة الحرارة فيه 40 درجة مئوية. في حيّ الجابرية الشعبي، تجمعت أمس عشرات النسوة أمام «جب عربي» في انتظار وصل التيار الكهربائي لضخ المياه.
تشكو وفاء بابللي التي اصطحبت بناتها الأربع لملء العبوات بمياه الشرب لـ«الأخبار»: «ننقل الماء مسافة 200 متر ثلاث مرات ونحصل على 100 ليتر في كل مرة، في بيتي 22 شخصاً و300 ليتر بالكاد تكفينا».
لا تختلف المعاناة في أحياء السكن الحديث عن السكن الشعبي، سوى في استخدام السيارات السياحية في نقل الماء. فراس زيتوني، وهو صاحب محل تجاري في شارع التل، يشرح: «كل يوم أنقل الماء بهذه الطريقة (تعبئة العبوات)، أبحث عن صهريج بأي سعر ولا أجد، الأسبوع الماضي استحممت بمياه معدنية». أصبح تأمين المياه للشرب والاستخدام المنزلي الشغل الشاغل للسكان. معين سرميني النازح إلى منزل حمويه في منطقة الموكامبو قال: «نشتري الماء النظيف، العبوة بـ50 ليرة، ويحتاج الانسان إلى 3 منها يومياً، الماء أصبح أغلى من الخبز، حالات الإسهال التي تصيب الأطفال خطرة جداً ولا بد من ماء مكفول». لا تلوح في الأفق أيّ بوادر لحل أزمة المياه في الوقت الحالي، خصوصاً مع استخدام الجماعات المسلحة ورقة مياه الشرب للضغط على الحكومة والسكان، إذ يتم التحكم في ساعات ضخ المياه ومنع فرق الصيانة من مباشرة عملها. مصدر في مؤسسة مياه حلب أكد لـ«الأخبار» «جاهزية فرق الصيانة في المؤسسة لإصلاح الخطين المدمرين في منطقة سليمان الحلبي فور عقد اتفاق أو تحرير المنطقة»، لافتاً إلى أنّ كميات المياه التي تضخ في الشبكة «يتم تدويرها بين الأحياء وفق برنامج عادل وضمن الإمكانية الفنية للشبكة».

الماء أصبح أغلى من
الخبز وحالات الإسهال التي تصيب الأطفال خطرة جداً

بدوره، يتابع مجلس مدينة حلب تجهيز آبار جديدة ووضعها في الخدمة إلى جانب ثمانين بئراً، وتركيب خزانات «أوكسفام» بالقرب منها لتوفير مياه الشرب المعقمة. ومع تصاعد أزمة المياه، نشأت تجارة نشطة في المدينة التي يسكنها نحو 2.5 مليون نسمة، حيث تقوم مئات من الشاحنات الصغيرة بنقل الماء في خزانات سعة 1000 ليتر وبيعها بسعر يتراوح بين 2000 و4000 ليرة سورية (13 ـ 26 دولاراً أميركياً).
ولا يقتصر ذلك على السيارات والصهاريج الخاصة، فكثيراً ما يقوم سائقو الصهاريج التابعة لجهات عامة ببيع الماء أثناء نقله إلى مؤسسات حكومية أو خزانات المناهل العامة ومنازل بعض المسؤولين النافذين. وتشكل نسبة المياه التي تؤمنها الآبار نحو 8 في المئة من الحاجة اليومية للمدينة لمثل هذا العام، وفق مصدر في مؤسسة المياه.