الحسكة | بعد خمس سنوات من مغادرة السياسي الكردي المعروف، صالح مسلم محمّد، قيادة «حزب الاتحاد الديموقراطي»، الذي يقود «الإدارة الذاتية» الكردية، في مناطق سيطرة «قسد»، عاد الرجل مجدّداً إلى الواجهة بعد انتخابه رئيساً جديداً للحزب في المؤتمر التاسع المنعقد في مدينة الحسكة. وجاء هذا التطوّر على رغم أن النظام العام لـ«PYD» لا يسمح بقيادة الشخص نفسه للحزب لأكثر من دورتَين، وهو ما كان مسلم قد أنهاه في الفترة ما بين عامَي 2012 و2015. وتُعدّ عودة مسلم، وشريكته في القيادة آسيا العبدالله، رسالة تحدٍّ إلى الأتراك الذين يرون فيه زعيماً وراعياً لمصالح «حزب العمال الكردستاني» في سوريا، ورسالة تطنيش إلى واشنطن بخصوص رغبة الأخيرة في إرساء أرضيّة حوار مع أنقرة، على أساس عزل ملفّ «قسد» عن ملفّ «العمال»، من خلال فكّ الارتباط العسكري والسياسي بينهما. وعلى عكْس النصائح الأميركية، فقد رفع المؤتمر، في يافطته الرئيسة، صوراً عملاقة لزعيم حزب «العمال»، عبدالله أوجلان، مع رفع رايات تَرمز إلى «PKK».ويمثّل اسم صالح مسلم حساسية خاصة لدى الأتراك، خاصة أن صاحبه من ضمن 48 شخصية من قادة «العمال»، أصدرت أنقرة مذكّرات اعتقال بحقّهم سابقاً، بتهمة ممارسة أنشطة ضدّ الأمن القومي التركي، خلال فترة اختفائه في سوريا ما بين عامَي 2003 و2010، والتي تعتقد تركيا أنه قضاها في جبال قنديل. كذلك، عادةً ما يردّد الإعلام التركي اسم مسلم على أنه زعيم لميليشيا «PYD»، التابعة لـ«PKK»، حتى خلال فترة تركه مهمّة قيادة الحزب، والاكتفاء بمهمّة عضوية هيئته الرئاسية فقط. وقد سعى الأتراك أكثر من مرّة لإلقاء القبض على الرجل، وهو أمرٌ بدا وشيكاً تَحقّقه، عندما اعتقلته السلطات التشيكية أثناء وجوده في العاصمة براغ في عام 2018، بناءً على مذكّرة اعتقال بحقّه صادرة من تركيا، قبل أن تُفرج عنه لاحقاً بعد فترة توقيف قصيرة. واللافت أن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ردّ بنفسه على أسئلة الصحافيين خلال هذا الأسبوع، حول مستجدّات انضمام السويد إلى حلف «الناتو»، بأنه «لا يمكن أن نُوافق على انضمام السويد التي يُجري إعلامها لقاءً مع زعيم الإرهابيين»، في إشارة إلى لقاء أجراه التلفزيون السويدي مع مسلم، الأسبوع الفائت. وتتّهم تركيا، السوريين المتعاقبين على زعامة «PYD»، بأنهم بالأساس أعضاء فاعلون في «PKK»، ويأتمرون بأمر قيادته في جبال قنديل.
من الواضح أن قيادة الحزب لم ترَ فعّالية قوية للرئيسَين اللذين خلَفا مسلم


على أنه من الواضح أن قيادة الحزب لم ترَ فعّالية قوية للرئيسَين اللذين خلَفا مسلم، وهما شاهوز حسن وأنور مسلم، إذ شهدت فترتا هذَين الأخيرَين سقوط كلّ من عفرين ورأس العين وتل أبيض بيد الأتراك. وفي ظلّ تصاعُد المخاوف اليوم من إطلاق عملية عسكرية تركية جديدة ضدّ مناطق نفوذ «الاتحاد الديموقراطي»، جرت إعادة كلّ من مسلم والعبدالله إلى الرئاسة المشتركة، في ما يبدو محاولة لترتيب البيت الداخلي استعداداً لمواجهة التهديدات التركية. ومع ذلك، ينفي مصدر كردي مقرَّب من الحزب، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «يكون قرار عودة مسلم إلى القيادة تحدّياً لتركيا أو لأيّ جهة كانت، بل هو قرار داخلي لأعضاء الحزب الذين انتخبوه لقيادتهم في هذه المرحلة»، لافتاً إلى أن «مسلم يتمتّع بشعبية كبيرة بين الأعضاء، نظراً إلى المكانة النضالية له، وإلى كونه من المؤسِّسين في عام 2003، ويملك شبكة علاقات واسعة محلّياً ودولياً»، مضيفاً أنه «كان ضمن هيئة التنسيق الوطنية، ويُعدّ من قيادات المعارضة، ولا علاقة لانتخابه بأيّ توجّهات سياسية أخرى، بما فيها العلاقة مع حزب العمال». ويرى المصدر أن «وجود قيادة متجدّدة للحزب من شخصيتَين مهمّتَين هو أمر طبيعي، في ظلّ المخاطر التي تهدّد المنطقة، والحاجة إلى فتح قنوات تَواصل مع الجميع لمواجهة أيّ عدوان تركي جديد على المنطقة، بما في ذلك تفعيل الحوار مع حكومة دمشق».