لم تكن الأنباء الأخيرة بشأن صحّة الرئيس محمود عباس الأولى من نوعها، ولن تكون الأخيرة. الرئيس الثمانيني، الذي يعاني من أكثر من مرض يتمّ إخضاعه بسببها لمتابعة طبّية مكثّفة، بات واضحاً بالنسبة إلى الدائرة المقرّبة منه أن سؤال خلافته أضحى أكثر إلحاحاً من أيّ وقت مضى. سؤالٌ تتكاثر الأجوبة المطروحة في شأنه، فيما تَبرز من بينها سيناريوات سوداوية عنوانها الوحيد الفوضى، في ظلّ احتدام المنافسة بين «الفتحاويين» وتعدّد الطامعين في وراثة «أبو مازن». وإذ يبدو أن حسين الشيخ وماجد فرج وجبريل الرجوب يميلون إلى تقاسُم مناصب عباس الثلاثة في ما بينهم، بوصْف ذلك الخيار الأفضل والأقلّ إضراراً بـ«فتح»، بدأت الفصائل المناوئة للأخيرة، وعلى رأسها «حماس» و«الجهاد» و«الشعبية» تتباحث، بالفعل، في مرحلة ما بعد «أبو مازن»، وسط إشكاليات حرجة تتقدّم أمامها، على رأسها الموقف من قرارات «الرباعية الدولية»، والتي سيكون الانضمام إلى «منظّمة التحرير»، في حال حافظت الأخيرة على هيكلها و«حصانتها» الإقليمية والدولية، مشروطاً بالقبول بها. على أيّ حال، يبدو أكيداً أن رحيل عباس المنتظَر سيغلق الباب على حقبة وسَمتها، بشكل رئيس، المقاوَلة الأمنية «المنظّمة» والرسمية لصالح الاحتلال، الذي سيجد نفسه، في حال تَحقّق سيناريو التنازع، مضطرّاً للعمل على إيجاد أشكال أخرى من هذه المقاوَلة، قد لا يكون تحويل مناطق الضفّة إلى «كونفدراليات» تَحكمها شخصيات متنفّذة تنسّق مع الإدارة المدنية الإسرائيلية رأساً، مستبعداً منها