من دون مناسبة معروفة، وقف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على منبر معهد «أبحاث الأمن القومي» التابع لجامعة تل أبيب، مساء أمس، ليلقي كلمة دشن فيها مرحلة إسرائيلية جديدة في العلاقة مع بعض الملفات الإقليمية الساخنة، وعلى رأسها الملف الكردي.
ووفقاً لما ذكرته وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن نتنياهو تناول في كلمته «المتغيرات الإقليمية والفرص التي أوجدتها بالنسبة لإسرائيل لعقد تحالفات مع شركاء جدد على قاعدة المصالح المشتركة». وأشارت التقارير التي أوردتها بعض هذه الوسائل إلى أن نتنياهو اعتبر أن «تحولات تاريخية تحصل في المنطقة سيكون لها تداعيات على أمن إسرائيل والعالم أجمع»، من ضمنها «الصراع السني الشيعي في المنطقة الذي هو فرصة جيدة لإسرائيل لإيجاد تحالفات إقليمية».
وقال نتنياهو في كلمته إن على إسرائيل أن تدعم الطموح الكردي إلى الاستقلال، معتبراً أن «الأكراد شعب مكافح أثبت التزاماً واعتدالاً سياسيين، وهو يستحق الاستقلال السياسي». وعلى الرغم من أن كلاً من الرئيس، شيمون بيريز، ووزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، كان قد أثارا مسألة دعم الاستقلال الكردي خلال محادثاتهما مع الرئيس ووزير الخارجية الأميركيين، فإن المواقف التي أطلقها نتنياهو جاءت استثنائية في وضوحها.
وتطرق نتنياهو إلى أحداث العراق من زاوية المخاطر التي تحملها على الحدود الشرقية لإسرائيل، مؤكداً أن تل أبيب تساند الجهود الدولية لتقوية الأردن في مواجهة هذه الأحداث. وأضاف «علينا وبإمكاننا تقليص الضرر المحتمل للقوى الإسلامية المتطرفة ضدنا وضد الآخرين، وعلينا أن ندعم الجهود الدولية لمساندة الأردن. الأردن هي دولة مستقرة، معتدلة ولديها جيش قوي وهي تعرف كيف تدافع عن نفسها، ولأجل ذلك تحديداً تستحق الجهود الدولية الدعم».
ورأى نتنياهو أن على إسرائيل أن تستعد في غضون ذلك لأربعة تحديات: «الدفاع عن الحدود، ترتيب المنطقة غرب الأردن، بناء محور للتعاون الإقليمي ومنع إيران من التحول إلى دولة حافة نووية». وأضاف إن «التحدي الأول (الذي يواجهنا) هو الدفاع عن حدودنا»، مشيراً إلى أن «القوى الإسلامية المتطرفة تطرق حدودنا في الشمال والجنوب. وقد شيدنا عوائق، باستثناء ساحة واحدة». واعتبر نتنياهو أن الأمر الأول الذي يجب القيام به هو بناء سياج في الشرق يبدأ من إيلات ويصل إلى هضبة الجولان». وأضاف «السياج لا يمنع الاختراقات ولا يمنع إطلاق النار أو الأنفاق، لكنه يقلص بشكل دراماتيكي عمليات التسلل إلى داخل إسرائيل».
وتابع «الآن أصبح واضحاً لماذا أنا أصر على أن تكون الحدود الشرقية على امتداد نهر الأردن. علينا أن نكون قادرين على وقف أمواج التطرف عند خط الأردن وليس في ضواحي تل أبيب»، موضحاً أن «الواقع يحتم استمرار نشاط الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية وعلى حدود الأردن في أي اتفاق سلام في المدى المنظور، وذلك من أجل حماية الأمن وضمان تجريد الدولة الفلسطينية من السلاح». وفي إشارة إلى رفض الاقتراح الأميركي بنشر قوات دولية في غور الأردن، قال نتنياهو «لا يمكن الاعتماد على قوات محلية لكبح الإسلاميين. وعندما نعود إلى طاولة المفاوضات سيكون علينا بحث الترتيبات التي تضمن سيطرتنا الأمنية في غور الأردن. لن يقوم أحد بفعل ذلك أبداً عنا. الفلسطينيون غير قادرين». وتوقع نتنياهو «سنوات من عدم الاستقرار» في المنطقة نتيجة «تبخر الأمل بأن تسيطر حركات ليبرالية معتدلة على الحكم».
وفي السياق، كانت صحيفة «هآرتس» قد ذكرت أمس، نقلاً عن مصادر أمنية إسرائيلية أن «حكومة نتنياهو متنبهة لاهتمامات الأسرة المالكة الهاشمية وتساعدها في جوانب كثيرة وقت الحاجة، إلا أنها لا تتوقع نشوب مواجهة تتدخل فيها إسرائيل خلال الفترة القريبة». وجاء ما نشرته الصحيفة تعليقاً على التقرير الذي نشره موقع «ديلي بيست» الأميركي قبل أيام، وتحدث عن توسيع التنسيق الأمني بين الولايات المتحدة وإسرائيل والأردن بغرض مساعدة عمان على صد هجمات محتملة لتنظيم»داعش» ضدها.
ووفقاً لـ«هآرتس»، فإن العلاقات الأردنية الإسرائيلية تمتنت خلال الفترة السابقة بسبب عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، حتى إن «هجمات الملك عبد الله المعلنة ضد إسرائيل بشأن العملية السياسية مع الفلسطينيين كادت تنقطع تماماً». ولم تستبعد الصحيفة أن تطلب عمان مساعدة إسرائيلية في حال مواجهتها تصعيداً عسكرياً على حدودها مع العراق «لكنها ستفعل ذلك بأكبر قدر ممكن من السرية كي لا تثير الانتقاد عليها في العالم العربي لكونها حليفة لإسرائيل».