صنعاء | كشفت سيطرة الميليشيات الموالية للإمارات على عدد من القطاعات النفطية في محافظة شبوة الشهر الفائت، عن صفقات سرّية كانت رعتها أبو ظبي، عبر دفْع عدد من الشركات الوهمية إلى شراء قطاعات إنتاجية بمساحات واسعة في شبوة وحضرموت، من شركات أجنبية متوقّفة عن الإنتاج منذ سنوات. وفي هذا الإطار، تَبيّن شراء شركة نفطية إماراتية تُدعى «سبيك»، من شركة «OMV» النمسوية، قطاع العقلة «S2»، أحد أهمّ قطاعات مديرية عرمة في شبوة، الممتدّ على مساحة 902 كلم مربع، والذي تُراوح طاقته الإنتاجية ما بين 12 ألفاً و16 ألف برميل يومياً، ويُراوح الاحتياطي المثبت فيه، وفقاً لتقارير رسمية صادرة عن «هيئة استكشاف النفط» في صنعاء، ما بين 50 و170 مليون برميل. وعلى رغم اعتراض نقابة العاملين في الشركة على البيع، إلّا أن الحكومة الموالية للتحالف السعودي - الإماراتي وافقت على الصفقة التي جرت في أيار الفائت خارج اليمن، مقابل الحصول على حصّة بلغت 15% من صافي البيع. ويَكشف خبراء نفط، في حديث إلى «الأخبار»، أنّ الصفقة تشمل نقل كامل حقوق التشغيل، من أصول وكادر وظيفي وبشري إلى الجانب الإماراتي، حتى انتهاء العقد مع الجانب اليمني عام 2026. ويتحدّث هؤلاء عن صفقات أخرى جرى إبرامها، لمنح الإمارات حصص شركات أجنبية في قطاعات تُنتج من 20 ألفاً إلى 40 ألف برميل يومياً، وباحتياطات إجمالية تصل إلى 200 مليون برميل، متّهمين وزارة النفط في الحكومة الموالية لـ«التحالف» بـ«التواطؤ في إبرام هذه الصفقات التي جرت معظمها في دبي وعواصم دول أجنبية من دون علم الرأي العام اليمني، وبالمخالفة لاتفاقيات وعقود التشغيل التي أُبرمت بين تلك الشركات والحكومة في صنعاء».
تصاعدت التحذيرات من سيطرة الإمارات على حصّة الشركة «كوجاز» الكورية

ومن بين القطاعات التي طالتها عمليات البيع قطاع «مالك 9» الواقع شرق شبوة، والذي تصل مساحته إلى 3500 كلم، وكان ينتج 6200 برميل يومياً أواخر عام 2014، بينما ينتج حالياً 5000 برميل. ووفقاً للأكاديمي الجيولوجي اليمني، عبد الغني جغمان، والذي عمل مديراً لتطوير حقول النفط في عدد من الدول منها اليمن وسلطنة عمان، فإن الشركة المُشغِّلة للقطاع، وهي «كالفالي بتروليوم»، أقدمت على بيعه من دون علم السلطات المحلّية، لشركة تُدعى «أوكتافيا إنرجي» التي أُسِّست بين عامَي 2016 و2019. ويلفت جغمان إلى أن الشركة نفسها اشترت قطاع «أدميس S1» الممتدّ على مساحة 1200 كلم والواقع ما بين مديريات بيحان وعسيلان، وكان يتبع شركة «أوكسيدنتال» الأميركية التي تخلّت عنه عام 2015، قبل أن تَصدر أوامر رئاسية، في عام 2020، بتسليمه إلى شركة «بترو مسيلة» الحكومية لإعادة تشغيله وتسوية قضايا عمّاله. ولأن هذا القطاع يمتلك تجهيزات هندسية ومعدّات إنتاجية كبيرة مغرية، فقد تمّ الاستحواذ عليه من قِبَل شركة تتبع مراكز قوى عسكرية موالية لـ«التحالف»، أطلقت على نفسها اسم «يمن أوكسيدنتال»، وزعمت أنها اشترت حصّة الشركة الأميركية، ليتمّ بيع «أدميس» أخيراً في صفقة غامضة لـ«أوكتافيا إنرجي»، التي تتّخذ من دبي مقرّاً لها إلى جانب مقرّ آخر في بكين، بالمخالفة لعقود واتفاقيات التشغيل.
وعلى رغم فشل محاولات إعادة تشغيل قطاع «هنت» في عسيلان، والذي كان ينتج 40 ألف برميل يومياً ومساحته 280 كلم، فقد تمكّنت شركة تُدعى «welltech» من إبرام صفقة غامضة عام 2020 لشرائه. إلّا أن الشركة المحسوبة على قيادات حزب «الإصلاح» خسرت الصفقة بعد سيطرة القوات الموالية للإمارات على القطاع أخيراً، حيث أعلنت وزارة النفط في الحكومة الموالية لـ«التحالف» أنها خاضت معركة قانونية مع الشركة المجهولة، وتمكّنت من استعادة «هنت». وفي أعقاب تأكيد المكتب الإعلامي لمحافظة شبوة، في 29 أيار الماضي، سيطرة قوات «اللواء الخامس - عمالقة» على حقول «جنة هنت، ذهبا، والنصر»، توقّع محافظ شبوة المحسوب على أبو ظبي، عوض العولقي، أن يتمّ تشغيل «هنت» خلال الأشهر المُقبلة، لإنتاج 35 ألف برميل يومياً كمرحلة أولى.
وفي الإطار نفسه، تصاعدت تحذيرات عدد من خبراء النفط في اليمن من سيطرة الإمارات على حصّة الشركة الكورية «كوجاز»، التي أكّدت مصادر يمنية موالية لـ«التحالف» أنها تنازلت عن حصّتها من الغاز اليمني أواخر العام الماضي بشكل طوعي، إلّا أن حكومة معين عبد الملك تتكتّم على الأمر، وهو ما أثار مخاوف عدد من الوزراء السابقين، ومنهم وزير المالية ونائب رئيس الوزراء الأسبق محمد زمام، المتواجد في الخارج، والذي شدّد على ضرورة الحفاظ على هذه الحصّة التي تبلغ 30 مليون طن، وتأسيس شركة وطنية لإدارتها كونها أصبحت يمنية 100%. واعتبر عدد من الناشطين اليمنيّين ذلك التكتّم مؤشِّراً إلى احتمال وجود صفقة أخرى لصالح الإمارات، التي استضافت اجتماعات شركاء الغاز اليمني في دبي منتصف العام الفائت.