لا تزال محاولات «داعش» لكسر سطوة مقاتلي «جيش الإسلام» في الغوطة الشرقية مستمرة، حيث شهدت الاشتباكات بين التنظيمين أمس تغييراً تكتيكياً اتبعه مقاتلو «داعش» عبر فتح نيرانهم على العديد من نقاط تمركز مقاتلي «جيش الإسلام» في جبهة مسرابا (جنوبي دوما).
ويأتي هذا الهجوم بعد تأكيد مصادر محلية لـ«الأخبار» نية زهران علوش، قائد «جيش الإسلام»، استدعاء ما تبقى من مقاتلي التنظيم في الغوطة الشرقية، إضافة إلى الطلب من بعض فصائل «الجيش الحر» المتمركز في بلدة مسرابا، تمهيداً لكسر تحصينات «داعش» جنوب دوما عبر قتالها من الطرفين الشمالي والجنوبي، وذلك قبل أن يضرب الأخير ضربته الاستباقية التي أجبرت مقاتلي علوش على الانسحاب نحو بلدة مديرا، جنوبي مسرابا، بعدما أدت المعارك إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى بين الطرفين، بحسب مصادر «الأخبار».
وانطلاقاً من مديرا، واعتماداً على مقاتلين الغوطة، نقل «جيش الإسلام» معركته نحو الشرق، إذ دفع بقواته لمهاجمة مراكز «داعش» في بلدة ميدعا، بالقرب من مدينة عدرا. وأطلق التنظيم على العملية التي بدأت أمس «يوم النهروان في الغوطة». وهاجم، في الوقت نفسه، مقاتلي «داعش» المرابطين في بلدة حوش الأشعري داخل البساتين الفاصلة بين دوما والمليحة، ما أدى إلى تدمير مركزين لـ«داعش» في ميدعا ومقتل أربعة من مقاتليه في الاشتباكات.
وأكّد طه أبو الورد، أحد مقاتلي «الجيش الحر» في الغوطة الشرقية، لـ«الأخبار»، أنّ «اعتماد جيش الإسلام على فتح جبهة الشرق له سببان: الأول هو الضغط على داعش بعيداً عن مركز تحصيناتها جنوب دوما، والثاني هو سهولة نقل مقاتلين من داخل دوما في اتجاه ميدعا، من دون أن تتعرض تحصينات جيش الإسلام في جنوب دوما لأي تأثير أو خلل». وأضاف: «لم تكن الاشتباكات في ميدعا متكافئة، حيث لا يوجد هناك سوى بعض المقاتلين لداعش. لا أعتقد أن خطة علوش ستنجح، لأنّ أهمية ميدعا لا تساوي شيئاً أمام دوما بالنسبة إلى داعش، ولهذا فلن تكون قوة ضغط على داعش، حتى لو اضطرت إلى خسارتها كلياً». ويأتي هذا التصعيد في الاشتباكات بين التنظيمين بعد أن تمكّن «داعش» من تفجير سيارة مفخخة في سوق دوما الشعبي أول من أمس، ما أدى إلى سقوط أكثر من عشرين مدنياً وعشرات الجرحى. مصادر محلية أكدت لـ«الأخبار» أن المستشفيات الميدانية التابعة للمعارضة المسلحة لم تستطع استقبال كافة جرحى الانفجار، «ما أدى إلى تفاقم حالة البعض، وزيادة أعداد شهداء التفجير».

مقتل «الأمير
العسكري لجبهة النصرة» في مدينة دير الزور
على يد «داعش»

في موازاة ذلك، تراجعت حدة الاشتباكات بين الجيش السوري وفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، بعد أن شهدت ارتفاعاً أول من أمس في حرستا، حيث استطاعت وحدات الجيش استهداف إحدى المجموعات فيها، ما أدى إلى مقتل العشرات، بحسب مصدر ميداني.
وفيما ارتفعت وتيرة القصف المدفعي على تجمعات المعارضة في كل من نوى والنعيمة في ريف محافظة درعا، جنوباً، أصدرت «فرقة اليرموك» بياناً أعلنت فيه اختطاف قائد أركانها، العميد الركن (المنشق عن الجيش السوري) موسى الزعبي من قبل «أحد فصائل الفتنة» بالقرب من بلدة نصيب على الحدود السورية ــ الأردنية، قبل أن يتم اقتياده إلى جهة مجهولة.
على صعيد آخر، وبعد أن بايع مقاتلو «جبهة النصرة» في البوكمال في ريف دير الزور «داعش»، تجدّدت الاشتباكات في اليومين الماضيين بين «داعش» من جهة والجماعات المعارضة من جهة أخرى، وسيطر أمس مسلحو «مجلس شورى المجاهدين» (مشمش) على مستشفى عائشة في البوكمال بعد اشتباكات عنيفة. كذلك قتل أمس أبو أيمن العسكري، «الأمير العسكري لجبهة النصرة»، في حيّ الرشدية في مدينة دير الزور.

الجيش يتقدم شمال حلب

في موازاة ذلك، شنّت وحدات الجيش السوري هجومين خاطفين حرّرت فيهما قريتي المقبلة والمحسنية شمالي شرق المدينة الصناعية في الشيخ نجار في ريف حلب. ويكاد الجيش السوري بهذا الإنجاز يكمل حصار المدينة الصناعية، الأضخم من نوعها في سوريا والواقعة إلى الشمال الشرقي من مدينة حلب، ويسيطر بذلك على أجزاء من «المدينة» التي باتت تعتبر بحكم الساقطة عسكرياً، فيما تنتشر المجموعات المعارضة في قرية البريج المتاخمة لها من الشمال.
في المقابل، اتهمت «الغرفة المشتركة لأهل الشام» تنظيم «داعش» بالتقاعس عن مواجهة الجيش الذي تقدم وسيطر على قريتي المقبلة والمحسنية القريبتين من تلال يتمركز فيها عناصر التنظيم. وأعلنت «الغرفة» أنها قصفت بصواريخ غراد موقع دفاع جوي للجيش في الطعانة جنوب المقبلة.
من جهة أخرى، استعادت جبهة شمال شرق المدينة حرارة القتال والقصف، حيث أمطرت مدفعية الجيش مواقع المسلحين ودفاعاتهم في منطقة هنانو. إلى ذلك، تفاقمت أزمة مياه الشرب في حلب مع الارتفاع الكبير في درجة الحرارة، وانقطاع التيار الكهربائي بشكل كلي عن المدينة لأكثر من 24 ساعة. وأصيبت جهود إصلاح شبكة المياه في حي سليمان الحلبي بانتكاسة مع عودة المسلحين للتحكم «مزاجياً» في عدد ساعات ضخ المياه في القسطل الوحيد الباقي قيد التشغيل لتغذية أحياء غرب المدينة.