غزة | على الرغم من الاعتراضات السابقة للاتحاد الأوروبي على إلغاء الانتخابات الفلسطينية، واحتجاج دولتَين منه على عدم تعديل المناهج الفلسطينية، عاد الاتحاد لاستئناف الدعم المالي للسلطة الفلسطينية، بعد توصيات أميركية وإسرائيلية بضرورة إنقاذ السلطة من الانهيار الاقتصادي، كي لا تخرج الأوضاع عن السيطرة في الضفة الغربية المحتلة. وصوّتت الدول الأوروبية بأغلبية ساحقة، مساء الإثنين، على صرف المساعدات لأعوام 2021 و2022 و2023 من دون شروط. وإثر ذلك، اعتمد الاتحاد الموازنة الخاصة بفلسطين بعد تأجيل البتّ فيها خلال العام الماضي، لعدم التزام السلطة بتجديد شرعية مؤسّساتها عبر الانتخابات، ورفضها إجراء تغييرات جديدة في المنهاج الفلسطيني، الذي «يحرّض على العنف»، وفق توصيف عدد من الدول الأوروبية التي تتبنّى المطالب الإسرائيلية.وذكرت مصادر فلسطينية على اطّلاع على الموقف الأوروبي أن إقرار الموازنة جاء في ضوء مؤشّرات نقلتها عدّة جهات في «الأونروا» ووزارة التنمية الاجتماعية، بالإضافة إلى جهات أميركية، مفادها أن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية في غاية الصعوبة، ما قد يؤدي إلى تفجّرها من جديد، ناصحة الأوروبيين باستئناف دعم السلطة لمواجهة المخاطر التي تحدق بها. وكشفت المصادر عن موافقة إسرائيلية مشروطة على استئناف الدعم، بحيث تساهم هذه الأموال الأوروبية في دعم الأسر الفقيرة، وخاصة في قطاع غزة، الذي زادت فيه نسبة البطالة والفقر خلال السنوات الأخيرة. وتُقدَّر المساعدات الأوروبية السنوية للسلطة بأكثر من 300 مليون يورو، من بينها نحو 82 مليون يورو لـ«وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» جرى صرفها فعلاً، فيما المبلغ المتبقّي يذهب إلى الخزينة الفلسطينية ومشاريع البنى التحتية والمساعدات الثنائية.
نصحت جهات عدّة الأوروبيين باستئناف دعم السلطة لمواجهة المخاطر التي تحدق بها

وفي حال صرف تلك المساعدة، فإنها ستكون الأكبر التي تتلقّاها الخزينة كتمويل خارجي منذ عدّة سنوات، بعد تراجع الدعم الخارجي، والذي أدّى إلى جانب خصم إسرائيل أموال الضرائب الفلسطينية وتداعيات جائحة «كورونا»، إلى تفاقم أزمة السلطة المالية منذ بداية العام الحالي.
وقال شادي عثمان، مسؤول الإعلام في مكتب الاتحاد الأوروبي في القدس، إن استئناف الدعم المالي للسلطة سيكون في أيّ لحظة، بعد إنجاز الإجراءات الفنّية خلال الأيام القريبة المقبلة. وفي الإطار نفسه، عقدت رئيسة المفوّضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أمس، اجتماعاً مع رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، لتباحث الدعم الأوروبي، وكذلك الملفّ السياسي، علماً أن الأوروبيين يطالبون السلطة بمنع وصول الأموال إلى أشخاص تتّهمهم دولة الاحتلال بـ«الإرهاب»، وخاصّة عائلات الشهداء والأسرى. وكان أوضح اشتية، مساء السبت الماضي، أن جزءاً كبيراً من المساعدات سيُخصَّص للعائلات الفقيرة ودعم المستشفيات والمشاريع. وبحسب مصادر فلسطينية، فإن السلطة ستعلن عن صرف مساعدات الشؤون الاجتماعية خلال الأيام المقبلة، علماً أن تلك المستحقّات تطاول نحو 116 ألف أسرة تعيش في فقر مدقع في غزة والضفة، منها 81 ألف أسرة في القطاع، و35 ألف أسرة في المحافظات الشمالية.