طرابلس | انطلقت، في القاهرة، جولة مشاورات أخيرة وحاسمة تخصّ المسار الدستوري الليبي، بمشاركة ممثّلين عن مجلسَي النواب والأعلى للدولة. وتهدف هذه المشاورات إلى الاستقرار على صياغة دستورية سيُصار إلى التصويت عليها من الشعب، على أن يتمّ بموجبها إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في ظلّ محاولة للتوافق، تصطدم، في واقع الحال، بخلاف عميق حول مواد دستورية تُعدّ مثيرةً للجدل، لا سيما حقوق الأقليات، ومدّة العمل بالدستور، وغيرها من النقاط الإشكالية التي لم تتطرّق لها جولتا المشاورات السابقتَين بشكل معمّق. وتتضمّن جولة المفاوضات هذه، والتي تشارك فيها المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في شأن ليبيا، ستيفاني وليامز، مشاورات غير رسمية سيجري الضغط من خلالها على مختلف الأطراف المشاركين فيها، بخاصة رئيس البرلمان عقيلة صالح، والمشير خليفة حفتر، اللذين ناقشا في المغرب، قبل أيّام، الحلول السياسية، علماً أن هناك جهوداً مصرية - مغربية مشتركة في هذا الملفّ، بهدف إنجاح المفاوضات والمسار السياسي.
لا يوجد، لغاية الآن، تصوّر أممي واضح في شأن الدستور الجديد

وتقتصر الدعوة الأممية على «تمنّي» تغليب المصلحة العامة وإنهاء الانسداد السياسي، على رغم مضيّ أكثر من ستة أشهر على فشل إجراء الانتخابات التي كانت مقرَّرة في كانون الأوّل الماضي، فيما يُفترض أن ينجح المشاركون في المفاوضات التي ستُعقد، على مدى أسبوع، في الاتفاق على الـ30% الأخيرة من مسودة الدستور. لكن ما سيجري الاتفاق عليه، لن يكون نهائياً، إذ لا يوجد، لغاية الآن، تصوّر أممي واضح في شأن الدستور الجديد، وما إذ كان سيتم اعتباره قاعدة دستورية للانتخابات أو دستوراً دائماً، فيما ترفض «الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور»، المساس بالمسودة التي وافقت عليها، وتدعو إلى ضرورة طرحه على الاستفتاء كما هو، ومن دون تعديل. أمّا العقبة التالية أمام البعثة الأممية، فهي الآلية التي سيتمّ بموجبها تمرير الدستور ومدّة سريانه في البلاد.
ويجري أطراف الأزمة الليبيون تحرّكات مكوكية، بدءاً من رئيسَي الحكومة فتحي باشاغا وعبد الحميد الدبيبة، مروراً بعقيلة صالح وخليفة حفتر الذي ظهر نجله، بلقاسم، في بعض الاجتماعات التي تُعقد مع أطراف عربية. ويبدو أن هناك انسداداً سياسياً واضحاً في ما يتّصل بموقف الحكومتَين وطريقة التعامل معهما، بخاصّة في ظلّ الإخفاق في التوصّل إلى صيغة تشاركيّة لتقاسم السلطة بين باشاغا والدبيبة، فيما يلتزم البرلمان، من جهته، الصمت. وبحسب ما أفادت مصادر «الأخبار»، فإن الرهان ليس على الاجتماعات التشاورية الجارية في القاهرة فحسب، ولكن على مختلف الأطراف لإنجاحها، بخاصّة في ظلّ اتصالات عربية - عربية تجرى على مستوى مختلف ممثّلي الأطراف المتناحرين، إلى جانب التنسيق مع تركيا في هذا الملفّ باعتبارها طرفاً فاعلاً، بخلاف أطراف غربيين لم يعودوا مهتمّين بنفس الدرجة، نتيجة الأزمة الروسية - الأوكرانية. وتؤكد المصادر أن الضغوط العربية التي تمارَس، في الوقت الراهن، قد تؤدّي إلى نتائج إيجابية، لكن ثمة مواقف جزائرية يجري العمل على استيعابها من قِبَل القاهرة والرباط، إذ تبدو الخلافات المغربية – الجزائرية جزءاً من تباين مصالح البلدين في الملفّ الليبي، والتي تسعى دول مثل مصر والسعودية إلى إنهائها ديبلوماسيّاً.