دخلت، قبل أيام قليلة، شحنات أسلحة تابعة لـ«قسد» إلى الأراضي السورية من معبر «سماليكا»، المشكّل من جسرَين عائمَين يربطان بين ضفّتَي نهر دجلة أقصى شمال شرقي سوريا. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار»، فإن الشحنتَين ضمّتا صواريخ مضادّة للدروع (صواريخ حرارية)، وأجهزة اتّصال متطوّرة، نُقلت إلى مستودعات تسليح تابعة لـ«قسد» في مدينة رميلان النفطية. وتُعيد هذه الواقعة تسليط الضوء على عملية تسلُّح «قسد»، التي تقع مستودعاتها الأكثر أهمّية، بحسب المعلومات، بالقرب من القواعد الأميركية غير الشرعية، وذلك لتجنّب استهدافها من قِبَل الطيران التركي، فضلاً عن شبه استحالة ضمان عدم وجود تسريب للمعلومات أو اختراق في صفوف «الإدارة الذاتية» من قِبَل المخابرات التركية.أمّا بخصوص نوعيّة الأسلحة، فتَلفت مصادر «الأخبار» إلى أنّ «قسد» حاولت أكثر من مرّة الحصول على أسلحة مضادّة للطيران، خاصة تلك المحمولة على الكتف من طراز «ستنغر»، إلّا أن طلباتها قوبلت بالرفض من قِبَل واشنطن، بدعوى أن القوات الكردية تَشكّلت لقتال «داعش» وليس لمواجهة جيوش تمتلك سلاح جوّ، علماً أن هذا الرفض عائد - في جزء منه - إلى ممانعة الولايات المتّحدة التسبُّب بأيّ توتّر عالي المستوى مع تركيا. لكن المصادر ذاتها تؤكّد وجود كميات محدودة من هذه الصواريخ في مستودعات «قسد»، لا يزيد عددها عن 50 صاروخاً. وفي محاولة لسدّ النقص في الإمدادات، تلجأ «قسد» إلى تصنيع أسلحة من قبيل صواريخ «أرض - أرض» قصيرة ومتوسّطة المدى، ضمن ورش تقع في محيط مدينتَي القامشلي ورميلان. وهي تعتمد في الحصول على المواد الأوّلية لذلك على قيادات «حزب العمّال الكردستاني» في جبل قنديل، والتي تعمل على تأمينها لها عبر الحدود العراقية مع تركيا، حيث لا تزال تملك هامشاً من الحركة على رغم كثافة الحضور العسكري التركي هناك. ومن بين الأسلحة التي يتمّ تصنيعها أيضاً، المسيّرات، سواءً الاستطلاعية أو الانتحارية، والتي تُعدّ جميعها صغيرة الحجم؛ إذ لا يزيد طول أكبرها عن متر واحد. وبحسب معلومات «الأخبار»، فقد اتُّخذ قرار تصنيع تلك الطائرات بعد فشل «قسد» في الحصول عليها جاهزة بالكمّيات التي ترغب بها، وبدفْع من النجاح النسبي الذي سجّلته تجربة الفصائل المنتشرة شمال غربي سوريا في هذا المجال، حيث أطلقت، أكثر من مرّة، طائرات مسيّرة باتجاه قاعدة حميميم.
ويبلغ إجمالي ما تنفقه «قسد» على التسلّح نحو 40% من عائداتها الناتجة من تهريب النفط والحبوب وغيرها من أنواع التجارة. ويُعدّ هذا الملفّ واحداً من أهمّ ملفّات ارتباط «الإدارة الذاتية» بـ«حزب العمال الكردستاني»، الذي يمتلك علاقات وثيقة مع تجّار سلاح أتراك، تتيح له الاستمرار في قتال الحكومات التركية منذ ثمانينيات القرن الماضي. لكن المصادر تنبّه إلى أن حجم تسلّح «قسد» لا يعني بالضرورة قدرتها على استخدام ذلك السلاح؛ فهي محكومة بسلسلة من الأولويات في أيّ معركة، من أهمّها قرار واشنطن ألّا تكون هناك مواجهات طويلة مع أنقرة تحديداً، وهو ما دفع «قسد» سابقاً إلى الانسحاب سريعاً من عفرين في آذار 2018، ومن المنطقة الممتدّة بين رأس العين وتل أبيض في تشرين الأول 2019.