■ إلى أين وصلتم في «ثورتكم»؟ أكثر من ٦٠ في المئة من ارض العراق باتت تحت سيطرة الثوار، والاستعدادات جارية لتحرير بغداد، التي ستكون مفتاحاً لتحرير كل العراق من شماله الى جنوبه، ومن شرقه الى غربه.

■ من خلال التقدم السريع للمقاومة العراقية ميدانياً، يمكن أن نستنتج أن الإعداد لما يحصل كان منذ فترة طويلة، فكيف كانت البدايات؟
المقاومة العراقية عندما انطلقت منذ اليوم الأول للاحتلال في نيسان عام ٢٠٠٣ ، كان واحداً من أهم اهدافها هو تحرير العراق تحريراً كاملا، أي تصفية مخلفات الاحتلال وعمليته السياسية وما نتج منها لكونها تمثل نموذجا للمشروع الاميركي الصهيوني الفارسي في العراق، وقد مرت المقاومة بمراحل عدة، بدءاً من مرحلة مقاومة الاحتلال، ثم الانتفاضة السلمية في معظم المحافظات العراقية بعد هزيمة القوات الأميركية، وصولاً الى هذه الثورة. لذلك فإن الانتفاضة العراقية العروبية الإسلامية في العراق بصفتيها السلمية والمسلحة، هي امتداد لتلك المقاومة، وجزء من أهدافها هو إزالة مخلفات الاحتلال. أنا أشترك في الانتفاضة، وهي في حقيقتها ثورة شعبية عراقية، تجمع كل فصائل المقاومة الوطنية بتوجهاتها القومية والإسلامية كافة، إضافة الى جهد عشائري وطني عروبي مثّل حزاماً لهذه الفصائل لتتكوّن منها المجالس العسكرية لثوار العشائر في معظم المدن العراقية، بما فيها محافظات الفرات الأوسط والجنوب. وستحين لحظة الحقيقة ليلتقي الشمال والجنوب في بغداد بانتصار الثورة الحاسم وإسقاط حكم الجواسيس والفرس.

■ ما الفصائل أو الحساسيات التي تتكون منها «جبهة المقاومة»؟
المقاومة في العراق تبلورات في الفترة الممتدة من 2007 الى ٢٠١١ عبر ثلاث جبهات رئيسية هي جبهة «الجهاد والتحرير والخلاص الوطني»، التي يقودها حزب البعث العربي الاشتراكي، و«جبهة الجهاد والتغيير»، والمجلس السياسي لفصائل أخرى، لكن بعد انسحاب القوات المحتلة من العراق، وبعد انطلاق الثورة العراقية في الأنبار والفلوجة قبل اربعة اشهر، أنشئت المجالس العسكرية لثوار العشائر في معظم المحافظات والمناطق وانخرطت فصائل المقاومة مع ثوار العشائر في هذه المجالس، ثم انبثق المجلس السياسي. هذه المجالس تقود الثورة، وما من خلافات بين فصائل المقاومة وجبهاتها.

■ هل تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» معكم في الجبهة؟
«داعش» لم يكن معنا في الجبهة، وما من تنسيق معه. عناصر التنظيم موجودون في سوريا والعراق، وربما لهم امتدادات في دول أخرى. «داعش» يتكون من مجموعات دخلت الى العراق بعد الاحتلال تحت اسم «القاعدة»، ومع انطلاق الثورة السورية تكونت منها مجموعات تحت اسم «داعش»، وقد اشتركوا في القتال الدائر في سوريا ودخلوا على مسار ثورة الشعب السوري الشقيق، ثم اتخذهم النظام السوري ذريعة لضرب الثورة السورية، تماماً كما يحدث في العراق الان، حيث دخل «داعش» على مسار ثورة الشعب في العراق منذ انطلاق الثورة في الأنبار والفلوجة حتى الآن، وقد اتخذتهم الحكومة في بغداد ذريعة لوسم ثورة الشعب بالإرهاب، مثيرةً المخاوف لدى جزء من الشعب العراقي من خطر داهم. الحكومة الفاسدة تنكرت لحقوق الشعب وثورته المباركة.
أنا أؤكد أن «داعش» موجود في العراق، لكنه فصيل صغير وبأعداد محدودة، وهو لا يسيطر على المشهد العام للثورة كما يصوره الإعلام، بل إن من يسيطر ويدير المناطق المحررة هم ثوار العشائر العراقية وأبناء تلك المناطق.

■ في تسمية «جبهة المقاومة»، نجد كلمة الإسلامية، فماذا تعني هذه التسمية؟ هل تعني الإسلام السياسي مثل حركة «الإخوان المسلمين»؟
هي تعني أن من يشترك في الثورة هم جميع قوى الشعب الوطنية بتوجهاتهم المختلفة، أكانت قومية أم إسلامية معتدلة وسطية. وتجدر الاشارة هنا الى أن غالبية شعب العراق مسلمة، أي إن تلك التسمية لا تقصد انتماءات سياسية مثل «الإخوان المسلمين»، فهذا الأخير ممثل في العراق بالحزب الإسلامي، وهو تابع للاحتلال والعملية السياسية. الجبهة بصيغتها المصغرة هي انعكاس لوحدة المجتمع العراقي، وتمثل مكوناته الاجتماعية والسياسية الوطنية المقاومة للاحتلال وعمليته السياسية ومشروعه الاستعماري.

■ ما موقفكم مما يحصل في سوريا؟
الموقف الواضح والمعلن هو مع إرادة الشعب السوري وثورته، وخياراته في إقامة نظامه الوطني الديموقراطي التعددي، الذي يحترم حقوق الإنسان ويوفر الأمن والاستقرار والعيش الكريم لهذا الشعب العزيز، ويحافظ على سوريا دولة موحدة وقوية.

■ في حال نجاح «ثورتكم»، هل سيكون لهذا تأثير في الأزمة السورية؟
الثورة في العراق ستنتصر لا محالة، وعندما نقول إنها انطلقت لإسقاط الحكومة التي أنشأها الاحتلال في بغداد، وتصفية النفوذ والتدخل الايرانيين في شؤون هذا البلد، هذا يعني كسر حلقة مهمة من حلقات المشروع الإيراني، الذي يمتد من إيران عبر العراق وسوريا حتى جنوب لبنان، وله خلايا نائمة في اليمن والسعودية والبحرين والكويت والسودان والمغرب العربي وغيرها. عبر تحرير العراق سوف تتدحرج أحجار الدومينو التي تشرف عليها إيران.
■ نلاحظ عودة قوية على المستوى الدولي لروسيا، هل ترون أن هذا سيؤثر في نجاحكم أو فشلكم في مواصلة «التحرير»، وخصوصاً أن روسيا كانت مساندة دوماً للأحزاب اليسارية والقومية؟
للأسف لم يكن الأمر كذلك، روسيا دخلت في أزمات الدول العربية انطلاقا من طبيعة منافستها مع الولايات المتحدة الأميركية لإعادة مجد ضائع من ناحية، وتحقيق مصالحها وفق نظرية المحاور من ناحية ثانية، من دون النظر إلى حقوق الشعوب أو الاهتمام بمن هو صاحب الحق من عدمه. موسكو تمارس لعبة السياسة بمفهومها البراغماتي الغربي بما يفوق الأميركان والغرب معا.
لن يقبل الثوار حلولا تنبع من هذه العملية السياسية الساقطة


«داعش» موجود في العراق لكنه فصيل صغير وبأعداد محدودة

■ ما رؤيتكم للحل السياسي الشامل للوضع العراقي المعقد؟
لا بد من التأكيد أنه بعدما تحقق لا عودة الى الوراء نهائيا ولا تنازل ولن نقبل أنصاف الحلول أو ترقيع العملية السياسية الباطلة، ولن يقبل الثوار حلولا تنبع من هذه العملية السياسية الساقطة، فبعدما فقدت الحكومة السيطرة على اكثر من نصف مساحة العراق، وأصبحت مدن ومساحات محررة بيد الثوار، فإن العملية السياسية قد سقطت فعلياً، ولم يبقَ منها سوى المالكي وعصاباته وميليشياته.
الحكومة تحاول بواسطة عمليات قتل وإبادة ضد جميع مناطق العراق، وخصوصاً المناطق المحررة، إعادة زمام المبادرة إلى جيشها المنهار عسكرياً ومادياً ومعنوياً بدعم تدخل إيراني معلن.
الثوار مصرون على المضي قدما في تحقيق أهداف الشعب بإسقاط العملية السياسية التي أنشأها الاحتلال في العراق، وإقامة نظام سياسي وطني ديموقراطي تعددي بديل عنها، أما المبادئ التي ستتيح الحل الشامل للوضع في العراق، فهي:
١- إلغاء العملية السياسية وتجميد العمل بالدستور والقوانين الظالمة التي صدرت منذ الاحتلال مثل قانون المساءلة والعدالة واجتثاث البعث وقرار حل الجيش العراقي وقانون الإرهاب.
٢- إصدار عفو عام وبدء حوار وطني شامل لا يستثني أحدا، ويقوم على أساس التزام حقوق العراق ومصالحه ووحدة أراضيه، مع ضمان حقوق المواطنين وعائلات الضحايا من خلال قضاء عادل ومستقل.
3- الافراج عن الأسرى والمعتقلين والمحجوزين كافة منذ بداية الاحتلال حتى الآن.
٤- تأليف حكومة وطنية مؤقته تتكون من المستقلين من ذوي الكفاءات والسمعة الطيبة لفترة انتقالية لا تتجاوز سنة واحدة.
٥- إنشاء مجلس وطني مؤقت يشترك فيه ممثلون من جميع القوى الوطنية العراقية، تكون أولى مهماته وضع دستور جديد للبلاد يلبي طموحات وأهداف الثورة والعراقيين في الوحدة والبناء الوطني الشامل والديموقراطية والتعددية السياسية واحترام حقوق الإنسان. على أن يجري التصويت العام على الدستور في نهاية الفترة الانتقالية، وتُنشأ بموجبه السلطتان التنفيذية والتشريعية المنتخبتان.
6- إعادة بناء القوات المسلحة العراقية والأجهزة الأمنية وفق قوانينها وأنظمتها وتقاليد عملها الوطنية الراسخة منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة.
هذه المبادئ قابلة للتنفيذ بواسطة مؤتمر وطني عراقي يضع آليات الحل النهائي بإقامة نظام سياسي وفق الخطوات المشار اليها أعلاه، بلا إقصاء أو تفرد. على أن يكون هذا المؤتمر تحت مظلة عربية ودولية ضامنة وموثوق بها، حتى ينصرف الشعب بعد استقرار نظامه السياسي الديمقراطي إلى البناء، ويسهم في تعزيز الاستقرار في المنطقة والعالم. ونؤكد أنه إذا أصرت أحزاب وميليشيات العملية السياسية على قمع طموحات شعب العراق والوقوف بوجه ثورته بحجة محاربة الارهاب، الذي يدينه الثوار ويقفون ضده، فإنها ستحكم على نفسها بالهزيمة المنكرة، ما يحتم عليها رحيل أركانها فوراً عن أرض العراق الطاهرة.

■ في الختام ما الكلمة التي تتوجهون بها إلى الرأي العام العربي والعالمي؟
كلمتي الاولى والأخيرة هي أن شعب العراق الكريم تعرض لظلم كبير بسبب احتلال بلده وتدميره على يد أميركا وحلفائها بمساعدة عربية ودولية شاملة، تحت حجج ومبررات ثبت بطلانها وكذبها. إن ثورته الآن هي ثورة تحررية انطلقت لتعيد العراق إلى إنسانيته وعروبته وإسلامه الحقيقي، وهي ليست موجهة ضد فرد أو مجموعة أو حزب أو طائفة، بل هي ثورة الكرامة والحرية والشرف الرفيع، لذلك هي تحتاج وتستحق الدعم والإسناد العربي والدولي والمساهمة في تعزيز قدرات تيارها الوطني، الذي هو الضمانة في بسط الأمن والاستقرار في العراق، وخلق التوازن المطلوب فيه.




ممثل حزب «البعث العراقي»

الدكتور خضير المرشدي هو الممثل السياسي الرسمي لحزب البعث العراقي والمتحدث باسمه. ابن مدينة الحلة في بابل أمضى عقوداً في صفوف «البعث» بالتزامن مع تخصصه في أمراض الدم والأورام. شغل منصب نائب نقيب الأطباء وعمل محاضراً في جامعة بغداد. بعد الغزو الأميركي في 2003، استقر المرشدي في دمشق، وعمل في جامعتها لسنوات. حرمه قانون اجتثاث البعث وظيفته، لينشغل بعد ذلك بالعمل السياسي المعارض، مستفيداً من الأمن الذي وفره النظام السوري لقادة وأعضاء حزب البعث العراقي. لاحقته الحكومة العراقية بمذكرة اعتقال، أوقفته بموجبها السلطات اللبنانية، وطالبت بغداد بتسليمه قبل أن يأمر القضاء اللبناني بالافراج عنه.