دعا وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إلى ما سماه «مبنى سياسياً جديداً» في الشرق الأوسط، قوامه تحالف بين إسرائيل و«الدول العربية المعتدلة»، لمواجهة التهديد المشترك من «التطرف العربي». وفي لقاء جمعه بوزير الخارجية الأميركي جون كيري، في باريس أمس، أكد ليبرمان استحالة التوصل الى اتفاق منفصل مع الفلسطينيين، «وبدلاً من ذلك علينا التوصل إلى اتفاق إقليمي شامل (...) يشمل الدول العربية المعتدلة والفلسطينيين والعرب الإسرائيليين».
ولفت الى أنها «المرة الأولى التي يتم فيها إنشاء إجماع استراتيجي بين العناصر المعتدلة في العالم العربي وإسرائيل، وهي ظروف أوجدت أساساً لخلق مبنى سياسي جديد في الشرق الأوسط، حيث ينبغي على كلينا التعامل مع التهديدات الإيرانية والجهاد والقاعدة في العالم، وكذلك تمدد الصراع في سوريا والعراق إلى الدول المجاورة».
وتطرق ليبرمان الى أوضاع العراق الذي «يتفكك أمام أعيننا، وإنشاء دولة كردية يبدو مسألة محتومة»، مضيفاً إنّ «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، إضافة الى فصائل متطرفة أخرى، ستحاول تقويض الاستقرار الأمني في كل أرجاء الخليج، وعلى إسرائيل أن توفر الدعم والمساعدة المطلوبة للدول العربية المعتدلة ضد المتطرفين».
إلى ذلك، حذرت صحيفة «هآرتس» من «تشكل التهديد الأمني من بوابة الجبهة الشرقية» لإسرائيل، في إشارة الى التطورات في العراق، مشيرة إلى أن تغيّرات حادة في الأشهر الأخيرة في المنطقة، وعلى رأسها «انتعاش للنظام الموالي لإيران في دمشق»، إضافة الى التأثير والنفوذ الإيرانيين المتزايدين في بغداد، وزيادة قوة حزب الله العسكرية، و«هو ما ينشئ محوراً شيعياً متطرفاً وقوياً جداً». وإضافة الى هذا التهديد، برز أيضاً «تهديد من نوع آخر، بعد الظهور المفاجئ لتنظيم داعش على خشبة المسرح للقوى السنية، القوة المتطرفة المتوحشة، والتي لم نر شبيهاً لها في الماضي».

لم تعد هناك دولة
قومية عربية في الشرق مع جيش عربي قوي

بحسب «هآرتس»، الأوضاع الأمنية في المنطقة لم تعد كما كانت، إذ «لم تعد هناك دولة قومية عربية في الشرق مع جيش عربي قوي، لكن توجد فوضى عارمة، ويفضي الضعف الداخلي للقومية العربية والحماقة المستمرة للسياسة الأميركية الى انقراض النظام الإقليمي لتحل محل الجبهة الشرقية القديمة، جبهة جديدة، تتسم بعدم استقرار وعدم يقين». وسألت الصحيفة: هل التوليف بين سلاح مُحكم وجيوش إسلامية من شأنه أن يؤدي الى زعزعة إقليمية تقترب من حدودنا؟ وماذا سيكون مصير الأردن؟ وهل يتحول وسط العراق وجنوب سوريا الى مثل أفغانستان؟ وهل يصبح قطاع غزة كالصومال؟ وماذا ستكون تأثيرات نشوء مناطق واسعة جداً ليس فيها سيطرة لدولة وسيادة واضحة؟ وأضافت: من الواضح أن الخطر الجديد الذي تتعرض له إسرائيل في العصر الجديد بات مضاعفاً: من جهة، تتحول إيران الى قوة كبيرة مهيمنة تستغل انهيار العروبة الحديثة لمصلحتها. وهناك من جهة أخرى، ظهور لاعبين متطرفين ليسوا بدول ولا يمكن صنع سلام معهم، بل من الصعب جداً ردعهم.
ودعت الصحيفة الى تبني استراتيجية عمل جديدة لمواجهة «العاصفة الإقليمية»، من خلال تبني تصور سياسي جديد يواجه على نحو خلاق والسعي الى حلف حقيقي بين الدولة اليهودية الديموقراطية، والدول العربية السنية المعتدلة.
وفي السياق نفسه، طالبت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بالإسراع في إنشاء جدار فصل مع الأردن قبل فوات الأوان، والابتعاد عن كل ما سيحدث لاحقاً في هذا البلد. وفي مقالها الافتتاحي، أمس، حذرت الصحيفة من خطر تنظيم «داعش» على المملكة الهاشمية «الهدف التالي لهذا التنظيم بعد انهيار سوريا والعراق»، مشيرة الى أن «رايات القاعدة السوداء بدأت ترفرف فوق بوابة العبور الى الأردن من العراق، مع حضور كبير لعناصر داعش من جهة المناطق التي كانت تسمى ذات يوم سوريا». وأشارت الى أن الحدود بين سوريا والعراق ولبنان والأردن تُمحى تحت أقدام منظمة «داعش»، وما كان صحيحاً في الأعوام المئة الأخيرة لم يعد قائماً.