عمّان | خمسة أشهر تأنّى فيها ملك الأردن، عبدالله الثاني، في إصدار موافقته على توصية المجلس المشكّل بموجب قانون الأسرة المالكة، بتقييد اتّصالات الأمير حمزة وإقامته وتحرّكاته، والتي رفعها المجلس إلى الملك منذ نهاية العام الماضي، وتعني عملياً وضع الرجل رهْن الإقامة الجبرية، أو السجن بالمعنى الأدقّ. وعلى رغم رسالة الاعتذار التي تقدّم بها حمزة (المعزول عن ولاية العهد) لعبد الله، ونشرها الديوان الملكي في آذار الفائت، وأتبعها بداية نيسان بتغريدة يتخلّى فيها عن لقب أمير - علماً أنه وفق المادة 37 من الدستور وقانون الأسرة المالكة، لا يستطيع أيّ فرد منها أن يأخذ قرار التخلّي عن لقبه ما لم يسحبه الملك منه أو يمنحه لغيره -، عاد الملك وأحيى القضية، متحدّثاً في رسالة إلى الشعب الأردني عن تلاعب الأمير بالحقائق، وانقلابه على تعهّداته.وكانت السلطات الأردنية عملت، بالتنسيق مع السعودية والإمارات اللتين ثبت دورهما في دعم مساعي حمزة وشريكَيه (باسم عوض الله وحسن بن زيد)، على لفلفة القضية، عبر إجراء محاكمة سريعة لعوض الله وزيد، ومحاولة تحييد حمزة، الذي يعود ويتّضح اليوم أن نشاطاته كانت أعمق ممّا تمّ الكشف عنه، وهو ما أشار إليه عبد الله بقوله في رسالته الأخيرة إنه «بالنظر إلى سلوك الأمير الهدّام، فإنني لن أفاجأ إذا ما خرج علينا بعد هذا كلّه برسائل مسيئة تطعن بالوطن والمؤسسات»، موضحاً أن «الإبن الضالّ» للملك حسين رفض حضور جنازة عمّه محمد في نيسان الماضي، مضيفاً أن رئيس هيئة الأركان المشتركة، اللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي، الذي كان أحرجه بتسريب تسجيل صوتي لمقابلته الأولى معه فور كشف مخطّط «الفتنة»، التقى الأمير بترتيب مسبق وليس بغتة كما صوّر الأخير. وإلى أبعد من ذلك، ذهب عبد الله بحديثه عن فوقيّة حمزة في تعامله مع رؤسائه.
سيبقى غضب الملك على باسم عوض الله كبيراً


وعلى رغم حدّة الرسالة، إلّا أن أثرها السياسي سيظلّ محصوراً، ما لم يظهر مستجدّ يُخرجها عن نطاق «الخلاف العائلي»، وهو أمر لا يبدو وارداً حالياً، في ظلّ حرص عمّان على عدم الانجرار إلى توتّر جديد مع الأطراف الخارجية التي دعمت «الفتنة»، خصوصاً وسط الضغوط القائمة عليه، ومأزق العرش المرتبط بوصاية مترنّحة أمام ضربات إسرائيلية متتالية. أمّا سكرتير الملك السابق، ووزير بلاطه، ومبعوثه الخاص إلى السعودية (سابقاً)، باسم عوض الله، فإن الغضب الداخلي عليه لا يزال كبيراً، وسيحول دون أيّ تفاهمات للإفراج عنه، لاسيما مع «احتجاز» حمزة بعيداً عن أيّ تواصل خارجي، ما يقطع أيّ ذريعة لأيّ طرف إقليمي أو دولي للمطالبة بمحاسبة الأمير الذي بقي لفترة طليقاً دوناً عن «خائن الأمانة» عوض الله، وطارق أبواب سفارتَين أجنبيتَين دعماً لانقلاب في الأردن، حسن بن زيد.