نجحت الولايات المتحدة في فك عقدتها العراقية، بالعودة عسكرياً إلى بلاد الرافدين على دماء أبنائه، مستغلة مجموعات تكفيرية مسلّحة حرصت على تأمين الدعم الكامل لها من كل المتضررين في المنطقة، تتقدمهم السعودية وقطر وتركيا، وخلفها إسرائيل. هي النتيجة المباشرة الأولى لزيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري لبغداد، التي أتبعها بزيارة مماثلة للعاصمة الجديدة، أربيل، التي انتهزت بدورها فرصة التدهور الأمني في العراق لنشر قوات البشمركة في مدينة كركوك النفطية والمناطق المتنازع عليها التي يعتبرها الأكراد جزءاً من دولة كردستان المقبلة.
فما كاد جون كيري يرهن التدخل العسكري الأميركي الجوي بتسويات سياسية تعيد صياغة نظام الحكم في العراق وتخلط موازين القوى مجدداً، حتى أُعلن في العاصمة الأميركية واشنطن أن أول دفعة من المستشارين العسكريين الاميركيين الذين أرسلوا الى العراق لدعم القوات الحكومية قد بدأوا مهمتهم في بغداد.
وقال الاميرال الأميركي جون كيربي «بدأنا بنشر فرق التقييم الاولى»، مضيفاً أن نحو 40 عسكرياً من أصل حوالى 300 مستشار وعدت واشنطن بإرسالهم «بدأوا مهمتهم الجديدة».
وكان هؤلاء الجنود الاربعون متمركزين حتى الآن في سفارة الولايات المتحدة في بغداد.
وبدأ نحو 90 جندياً آخر تابعين للقيادة العسكرية الاميركية التي تغطي منطقة الشرق الاوسط وآسيا الوسطى مهمتهم التي تتضمن، بحسب كيربي، إقامة «قيادة مشتركة» تتولى قيادتها القوات العراقية بالشراكة مع الاميركيين.
وسيصل خمسون جندياً أميركياً إضافياً في الايام المقبلة الى العاصمة العراقية.

40 عسكري
أميركي من أصل 300 بدأوا مهتهم الجديدة

وقال كيربي إن «هذه الفرق ستعمل على تقييم تماسك ووضع جاهزية القوات الامنية العراقية»، ثم ستحيل نتائج تحليلاتها على قيادتها «في غضون أسبوعين الى ثلاثة أسابيع».
وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) نفت في وقت سابق قيام طائرات من دون طيار بتنفيذ ضربات جوية على الحدود العراقية السورية ضد تنظيم «داعش»، مبينةً أن ما تناولته بعض وسائل الإعلام بشأن هذا الموضوع لا صحة له.
من جهته، قال السفير العراقي في إيران محمد مجيد الشيخ إن بلاده لم تطلب من إيران المساعدة في مواجهة مسلحي «داعش»، الذين سيطروا على مناطق شاسعة شمال العراق. وقال إن «إيران أدت دوراً مهماً في دعم العراق سياسياً... ولكننا لم نطلب من أي بلد أن يأتي ويدافع عن العراق وعن الشعب العراقي».
في هذا الوقت، أعلن اللواء في الجيش العراقي أبو الوليد، أمس، سيطرة القوات الأمنية على مناطق جنوبي قضاء تلعفر غرب مدينة الموصل مركز محافظة نينوى.
وقال في تصريحات إلى قناة العراقية شبه الرسمية: «بدأنا بعمليات عسكرية لتطهير تلعفر»، مشيراً إلى أن «قوات الجيش أعادت هيكلة تنظيمها، وهي الآن مستعدة للهجوم على المواقع التي يوجد فيه الإرهابيون».
في السياق ذاته، أعلن المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، الفريق قاسم عطا أمس، سيطرة القوات الأمنية وبشكل كامل على منفذي طريبيل والوليد الحدوديين، غرب الأنبار، وأكد أن الإدارة المدنية للمنفذين تمارس عملها طبيعياً.
وقال إن «عشائر الأنبار وقفت موقفاً بطولياً بمساندة القوات الأمنية واستعادة المنفذين بسرعة»، داعياً إلى «استنكار وإدانة الجرائم البشعة التي ارتكبها تنظيم «داعش» في محافظات نينوى وصلاح الدين وكركوك وديالى، من خلال إعدام المئات من الأبرياء من منتسبي الجيش أو من المواطنين على أسس طائفية».
كذلك، قال عطا إن القوات الأمنية تمكنت من قتل وإصابة 55 إرهابياً من عصابات «داعش» في ناحية العظيم في محافظة ديالى، وفي محافظة الأنبار، مضيفاً أن «طريق بغداد ــ سامراء تم تأمينها بشكل كامل».
من جهة أخرى، حررت قوات الجيش بالتعاون مع متطوعي بابل منطقة الجازية التابعة لناحية جرف الصخر شمال الحلة، وقتلت 36 داعشياً في اشتباكات عنيفة جرت أمس.
إلى ذلك، أفاد مصدر أمني عراقي أمس بأن ناحية العظيم، شمال محافظة ديالى، صارت «بقعة مفخخة ولا تصلح كمنطقة سكنية مستقبلاً، ونتيجة ذلك نزح منها أكثر من 25 ألف نسمة». وأضاف أن «النازحين لجأوا إلى إقليم شمال العراق وكركوك ومناطق شمال ديالى المتنازع عليها»، مؤكداًَ أن «تنظيم «داعش» فخّخ منازل ناحية العظيم بشكل احترافي وبخبرات عالمية، ما دفع الأجهزة الأمنية إلى عدم دخول المنازل والبوابات إلى حين إبطال مفعول الألغام».
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)