القاهرة | على رغم تراجُع وزير الأوقاف المصري، محمد مختار جمعة، تحت وطأة الضغط الشعبي، عن قراره منع التهجّد داخل المساجد في شهر رمضان، لا يبدو أن سياسة تشديد القبضة الأمنية على المساجد سيتمّ العدول عنها قريباً، إذ لم تُستثنَ صلاة العيد القادمة من إجراءات تقليص التجمّعات الدينية وأوقات تواجد المصلّين، بل تقرّر اختصار مدّة التكبيرات فيها، بالإضافة إلى اختزال مدّة الخطبة التي تَعقبها، مع تحذيرات للأئمة المخالفين للقرار من خصم من رواتبهم، وتوقيع عقوبات عليهم قد تصل إلى الفصل من الوزارة والحرمان من الخطابة. والظاهر أن استجابة جمعة للتوجيهات الأمنية، وتلبيتها من دون نقاش أو حتى محاولة طرح مواءمات بين ما يمكن تنفيذه وما لا يمكن، كلّ ذلك مردُّه إلى مراهنته على البقاء في الوزارة في التعديل الحكومي المرتقب الصيف الجاري.أمّا في خلفية تلك التوجيهات، فالواضح أن السلطات تخشى تحوُّل التجمعات الدينية إلى مناسبة لنقاشات محتملة حول الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد، وهو ما لا يناسبها البتّة. ومن هنا، جاءت القرارات الأخيرة التي جرى تبريرها في العلن بدعاوى صحّية في ظلّ استمرار جائحة «كورونا»، ليجري تقليص فترات تواجد المصلّين داخل المساجد بصورة غير مسبوقة، وإلزام المساجد بإغلاق أبوابها قبل التاسعة مساءً، وتهديد الأئمة الذين يتأخّرون ولو لدقائق قليلة بعد التاسعة بعقوبات صارمة. وعلى رغم التفهّم الذي لاقاه قرار إلغاء الاعتكاف، إلّا أن قرار إلغاء صلاة التهجّد، هي الأخرى، قوبل بعاصفة شديدة من الانتقادات، انخرطت فيها حتى بعض الأصوات المحسوبة على النظام، فيما رُفعت إلى المعنيّين تقارير سيادية عن غضب مجتمعي من القرارات. وممّا ضاعف حالة الغضب مشاهد التكدّس التي ظهرت في الكنائس خلال الأيام الماضية، بالتزامن مع أعياد القيامة، من دون أن تُقدِم الأجهزة الأمنية على إلزام الكنائس بأيّ إجراءات صحّية، أو تطلب إليها تقليص مدّة الصلاة التي استمرّت إلى بعد منتصف الليل، أو تقليل عدد الحضور.
لم تُستثنَ صلاة العيد القادمة من إجراءات تقليص التجمّعات الدينية


وبحسب مصادر تحدّثت إلى «الأخبار»، فقد رُفعت تقارير من الجهات الأمنية إلى دوائر عليا، تطالب بالعدول عن قرار منع صلاة التهجّد. وعلى رغم الاستجابة المتأخّرة لهذا المطلب، إلّا أنه طُلب إلى الأئمة تقليص مدّة الصلاة، وإغلاق المساجد في الأماكن التي لا يتواجد فيها عدد كبير من المصلّين، في ظلّ مراقبة أمنية مستمرّة تولّاها بعض العناصر بزيّ مدني. وفي مساجد أخرى، جرى إيقاف الصلاة بسبب غياب الأئمة وتدخُّل الأمن لمنع أيّ من المصلين من إمامة الصلاة، بحسب ما جرى توثيقه على منصّات التواصل الاجتماعي.