الخرطوم | شرعت الآلية الثلاثية بين ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوث الاتحاد الأفريقي وممثل الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (الإيغاد)، في الترتيب لانطلاق المرحلة الثانية من الحوار بين كلّ الأطراف المعنية بالأزمة في السودان، كمسهّل وليس كوسيط، لبحث العملية السياسية وكيفية إدارة المرحلة الانتقالية. ومن المتوقّع أن يجري ذلك، بعد عطلة عيد الفطر، في الفترة بين 10 و12 أيار المقبل. وكانت المرحلة الأولى من المشاورات قد بدأها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، فولكر بيرتس، منذ انقلاب قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، على الحكومة المدنية، قبل ستة أشهر. وعُقدت حينها لقاءات ومشاورات شملت معظم القوى السياسية والمجتمعية، كلّ على حدة. ويبدو أنّ مبدأ الجلوس حول طاولة مستديرة لا يزال مرفوضاً لدى بعض القوى السياسية، وفق فولكر، الذي قال في مؤتمر صحافي، قبل أيام، إنّ جميع أصحاب المصلحة كالقوى السياسية ولجان المقاومة والمجموعات النسوية والجيش والمثقّفين والأكاديميين، متّفقون على أن يكون الحوار سودانياً ــــ سودانياً. غير أنّه أشار، في الوقت ذاته، إلى أنّ "هناك بعض القوى السياسية التي ترفض اللقاء في دائرة واحدة للحوار". ولفت فولكر إلى ضرورة إدارة حوار حول المؤسّسات، لأنّها ستحثّ الدول الصديقة والمانحة على إعادة المساعدات للسودان.
رأت لجان المقاومة أنّ مبادرة الآليّة الثلاثيّة ما هي إلّا عودة لحزب "المؤتمر الوطني" المنحلّ والأحزاب الإسلامية


وعلى الرغم من إطلاق سلطات الانقلاب سراح عدد من قيادات حزب "المؤتمر الوطني" المنحل، إلّا أنّ السلطات القائمة لم تفلح في إلحاق الحزب بمبادرة الحوار الأممي، ذلك أنّ الآلية الثلاثية للحوار لا تزال تضعه في خانة الحزب المنحلّ، وفق قرارات حكومة الثورة. وفي هذا السياق، أعلن فولكر أنّ الحوار لا يقصي أحداً، وسيشمل كلّ الفاعلين في العملية السياسية، عدا حزب "المؤتمر الوطني". لكن بدا لافتاً ما ورد في تصريحاتٍ لمبعوث الاتحاد الأفريقي، حسن ولد لبات، بشأن إمكانية مشاركة أحزاب إسلامية ظلّت متحالفة مع "المؤتمر الوطني"، حتى سقوط حكومة الرئيس المعزول، عمر البشير، في نيسان 2019، كحزب "المؤتمر الشعبي" وحزب "الإصلاح الآن". وردّاً على ذلك، رأت لجان المقاومة أنّ مبادرة الآلية الثلاثية ما هي إلّا عودة لحزب "المؤتمر الوطني" المنحل، والأحزاب الإسلامية، عبر واجهة الحوار السوداني، مُعلنة في بيان رفضها المشاركة في أيّ عملية سياسية، ومؤكّدة أن لا مساومة ولا تصالح مع النظام البائد. وشدّدت لجان المقاومة على أنّ "كلّ من يذهب في اتجاه التسويات الرخيصة والتهافُت على السلطة، يتسلّق على دماء الشهداء"، مضيفة إنّه "سيضع نفسه في المربع ذاته مع الانقلابيين". ويُنتظر أن تعبّر لجان المقاومة عن موقفها في الشارع، في إحياء ذكرى فضّ الاعتصام الثالثة، الموافقة اليوم السبت.
بناءً عليه، يرى مراقبون أنّ السلطة الانقلابية في حالة ترنّح وتخبّط، معتبرين أنّ "سقوط الانقلاب أضحى مسألة وقت، مع اشتداد الأزمات في البلاد، التي باتت في حالة الدولة الفاشلة".
في هذه الأثناء، أكّد قائد الجيش، الفريق عبد الفتّاح البرهان، أنّ اشتداد الأزمات الاقتصادية والأمنية، إضافة إلى تجدّد عمليات الاقتتال القبلي، وترويع المواطنين في ولاية غرب دارفور، لا علاقة لها بإجراءات 25 تشرين الأول الماضي. وردّاً على ما أُذيع عن وجود خلاف بينه وبين نائبه، قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، قال البرهان إنّ "جميع الوحدات العسكرية على توافق". وعلى عكس اللهجة التصعيدية التي تحدث بها أمام قوات "الدعم السريع"، دعا البرهان، خلال لقائه المبعوثين الدوليين، إلى تشجيع الأحزاب السياسية على التوصّل إلى توافق وطني وإحداث اختراقٍ في العملية السياسية، وصولاً إلى الانتخابات.