صنعاء | تبدّدت آمال أكثر من 30 ألف مريض يمني كانوا ينتظرون نقلهم من مطار صنعاء للعلاج في الخارج، خلال فترة الهدنة المعلَنة من قِبَل المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، في الثاني من نيسان الجاري، وذلك بعدما وضعت الحكومة الموالية للتحالف السعودي - الإماراتي شروطاً تعجيزية خلال الأيام الماضية أعادت الاتفاق إلى نقطة الصفر. وعلى رغم الاتفاق على نقل المرضى وكبار السنّ، واستثناء الشباب من الرحلات التجارية التي تمّ إقرارها بمعدّل رحلتين أسبوعياً، في ما يمثّل «جسراً إنسانياً» لا أكثر، اشترطت حكومة معين عبد الملك، المتواجدة في مدينة عدن، على المسافرين على متن طيران «اليمنية» استصدار جوازات صادرة عنها، في ما يؤشّر إلى محاولتها فرض سلطاتها في مطار صنعاء، وهو ما تبدو الموافقة عليه من جانب حركة «أنصار الله» مستحيلة، كونه ذا أهداف سياسية أكثر منها إنسانية. وعلمت «الأخبار»، من مصادر ديبلوماسية، أن الحكومة الموالية لـ«التحالف» قدّمت عدداً من المقترحات لمكتب غروندبرغ بشأن إطلاق الرحلات الجوية، مُبديةً استعدادها لإنشاء مركز لإصدار الجوازات في مطار صنعاء بالتنسيق مع الأمم المتحدة، على أن يبدأ التشغيل خلال 10 أيام من الاتفاق. كما أبدت جاهزيتها لإصدار جوازات للمواطنين المضطرّين للسفر من بقيّة مناطق سيطرة حركة «أنصار الله»، بالتنسيق مع مكتب المبعوث الأممي، خلال 5 أيام من إرسال الطلبات المستوفية للوثائق والشروط، مقترحةً تخصيص «كباين» في مركز الإصدار الآلي في مدينة عدن، تُرسَل إليه البيانات الشخصية لطالبي السفر، ونسخاً من جوازات سفرهم المنتهية والصادرة من صنعاء ضمن قاعدة بيانات عام 2014، حتى يتمّ تحويلها عبر مكتب المبعوث الأممي إلى مركز مصلحة الجوازات والهجرة، ومن ثمّ تجديد الجوازات خلال مدّة 24 ساعة.
إزاء ذلك، اعتبر نائب وزير خارجية حكومة الإنقاذ، حسين العزي، أن ما تطرحه حكومة عبد الملك «يعزّز الانقسام». وأشار العزي، في تغريدة، إلى أن «الجواز لا يصدر وفق القانون اليمني إلّا بمستند وطني (بطاقة شخصية أو عائلية)»، متسائلاً عن معنى تمسّك الطرف الآخر بصدور الجواز من مدينة عدن، بينما سيتمّ إصداره بناءً على صورة جواز صادر من صنعاء، ووصف هذا الشرط بـ«التعسّفي المخالف لنصوص الهدنة وحتى لإجراءات تحالف العدوان المتّصلة بالسفر من مطار صنعاء قبل إغلاقه كليّاً». وفي الاتّجاه نفسه، انتقد ناشطون موالون لـ«التحالف» الشروط الجديدة، كونها تعمّق معاناة الآلاف من المرضى من النساء والأطفال والشيوخ، لافتين إلى أن اشتراط حصول المسافرين على جواز السفر من عدن يفرّغ الاتفاق من مضمونه. وكان رئيس وفد صنعاء المفاوض، محمد عبد السلام، قد حمّل «دول العدوان كامل المسؤولية عمّا تبديه من تعنّت وتنصّل ومراوغة في تنفيذ اتفاق الهدنة»، مطالباً الأمم المتحدة بالقيام بواجبها. وإذ هدّد بـ«خيارات رادعة في حال فشل الاتفاق»، فقد ألمح إلى أن «الردّ سيأتي من الجبهة الجنوبية للمملكة هذه المرّة».
وعلى مستوى ملفّ تبادل الأسرى، لا تزال الصفقة التي كان مقرّراً تنفيذها خلال شهر رمضان، لتشمل الإفراج عن 2223 أسيراً من الطرفين، منهم 1400 من أسرى الجيش و«اللجان الشعبية»، و823 من أسرى الحكومة الموالية لـ«التحالف» والميليشيات الأخرى، متعثّرة، بسبب ما يصفه مصدر مسؤول في صنعاء تحدّث إلى «الأخبار»، بأنه «تعنّت دول العدوان التي سيّست هذا الملفّ الإنساني وربطته بالملفَّين السياسي والعسكري». ووفقاً لمصادر في «هيئة شؤون الأسرى والمعتقلين» في صنعاء، فإن «الهيئة كانت تنتظر كشوفات الأسرى المُقدَّمة من الطرف الآخر لمكتب المبعوث الأممي، كونها في أتمّ الجاهزية لتنفيذ الاتفاق، إلّا أن الطرف الآخر لم يقدّم حتى الآن كشوفات تتضمّن أسماء أسراه». وشدّدت المصادر على أن «قضية الأسرى والمعتقلين قضية إنسانية لا يجب أن تخضع للتوظيف السياسي والابتزاز» .
من جهتها، اعتبرت مصادر حقوقية في صنعاء، في حديث إلى «الأخبار»، أن «هناك تهرّباً واضحاً من قِبَل التحالف والأطراف الموالية له من حسم هذا الملفّ الإنساني»، وكشفت المصادر عن تفاصيل ما تمّ طرحه من قِبَل لجنة متابعة الأسرى التابعة للحكومة الموالية لـ«التحالف»، والتي «استثنت وزير الدفاع السابق محمود الصبيحي، وكذلك اللواء فيصل رجب، قائد المنطقة العسكرية الرابعة سابقاً، من الصفقة، واستبدلتهما بشقيق طارق صالح، عضو المجلس الرئاسي المشكّل في الرياض، محمد محمد صالح ونجله، كما طالبت بالإفراج عن 3 سودانيين و 16 أسيراً سعودياً، من ضمنهم الأسرى الذين أعلنت صنعاء استعدادها للإفراج عنهم مقابل إطلاق الرياض المعتقلين لديها من حركة حماس الفلسطينية العام الماضي».