صنعاء | تشهد المحافظات الجنوبية والشرقية في اليمن، منذ قرابة الأسبوع، تحرّكات نشطة لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش»، خصوصاً في عدد من مديريات أبين وشبوة ووادي حضرموت، ومنطقة الرويك شمالي محافظة مأرب. وكانت تصاعدت، عقب هروب 10 عناصر من التنظيمَين، بينهم قيادات، من سجن مدينة سيئون في وادي حضرموت في 14 نيسان الجاري، التحذيرات من تلك التحرّكات، التي بدا لافتاً تزامُنها مع مساعٍ أميركية لإنشاء قاعدة عسكرية لـ«مكافحة الإرهاب» في حضرموت، وتأييد «المجلس الرئاسي» المشكّل في الرياض للحرب على التنظيمات الإرهابية. ومن هنا، برزت تكهّنات باحتمال أن يكون النشاط «القاعدي» و«الداعشي» المتجدّد، مدفوعاً برغبة القوات الأجنبية في البقاء في تلك المحافظات، في ظلّ تصاعد مطالب صنعاء بإنهاء وجودها هناك كشرط من شروط السلام. وممّا عزّز هذه التكهّنات هو هروب عناصر «القاعدة» من سجن خاضع للحماية والإشراف السعوديَّيْن، والذي وصفه نشطاء جنوبيون بأنه «ليس مجرّد حادثة عرضية، بل عمل مخطَّط له مسبقاً».وبحسب مصادر مطّلعة تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن الفارّين من السجن كانوا تحت حراسة قوات أمنية تتبع وزارة الداخلية في الحكومة الموالية للرياض، وتعمل تحت إشراف ضباط سعوديين. ولذا، فقد وجّه «قائد القوات السعودية في وادي حضرموت، العقيد معروف بن شوية، بسجن ثلاثة ضباط سعوديين وآخرين يمنيين عقب الحادث، بعدما تبيّن أن عناصر القاعدة الذين ينحدرون من محافظات حضرموت وأبين وشبوة والبيضاء، فرّوا بالتواطؤ مع حراسات السجن، بعد دفع رشى مالية كبيرة لهم». وأشارت المصادر إلى أن «الفارّين انتقلوا من وادي حضرموت عبر الصحراء إلى منطقة الرويك شمالي مأرب، وقضوا ليلة كاملة فيها على رغم إبلاغ السلطات الأمنية في سيئون عنهم، قبل أن يتمّ نقلهم بأمان إلى معاقل التنظيم في محافظة أبين».
كشف تنظيم «القاعدة» عن امتلاكه طائرات مسيّرة ونشر مقطع فيديو جديد لعمليات نفّذها بواسطتها


من جهتها، عبّرت مصادر محلية في محافظة أبين عن مخاوفها من سقوط المحافظة تحت سيطرة «القاعدة»، لافتة إلى أن التنظيم نشر المئات من عناصره في الطرقات الرابطة بين معاقله في مديرية مودية ومناطق في لودر والخديرة، وصولاً إلى مديريتَي الوضيع والمحفد. وبيّنت المصادر، في حديث إلى «الأخبار»، أن التحرّكات الأخيرة للتنظيم يقودها أبو عبيدة الحضرمي، الذي سبق أن تحدّثت تقارير محلّية عن تعرّضه للاستهداف بغارة جوّية بواسطة طائرة أميركية من دون طيار العام الماضي، مشيرة إلى أن العشرات من عناصر «القاعدة» ظهروا أخيراً في سوق مودية. كذلك، اتّهمت ميليشيات «العمالقة»، الموالية للإمارات، مسلّحي التنظيم، في 16 نيسان الجاري، باختطاف سيارة إسعاف تابعة لها أثناء مرورها في منطقة المحفد، فيما تحدّثت مصادر أخرى عن قيام «القاعدة» باختطاف مدرّعة تابعة لـ«العمالقة» في منطقة الخديرة في المحافظة نفسها. وكانت عمليات محور أبين العسكري قد حذّرت، في تعميم لها، من قيام التنظيم بتنفيذ عمليات إرهابية، كاشفة أن عناصره المتواجدين في مودية عمدوا إلى شراء زيّ عسكري متكامل لغرض التسلّل إلى محافظات أبين وعدن ولحج. وأكد التعميم وجود تجمّعات كبيرة من مقاتلي «القاعدة» في منطقة المعجلة، يقودهم عدد من القيادات، منهم زكي لشعب، وأصيل العنبوري. وتأتي هذه التطوّرات في ظلّ فشل وساطات عربية تقودها عُمان وقطر من أجل تحرير خمسة عاملين في الأمم المتحدة من قبضة «القاعدة»، كانوا اختُطفوا منذ منتصف شباط الماضي. ووفقاً لمصادر في محافظة أبين، فإن عناصر التنظيم رفضوا وساطة محلّية كان يقودها مديرا مديريتَي مودية والوضيع، ورفعوا سقف شروطهم للإفراج عن العاملين إلى خمسة ملايين دولار كفدية مالية، وإطلاق جميع معتقلي «القاعدة» في سجون عدن.
وفي محافظة شبوة، شهدت مديريتا ميفعة ورضوم تحرّكات مماثلة لعناصر التنظيم. واتّهمت مصادر قبلية، في حديثها إلى «الأخبار»، القوى الموالية لـ«التحالف» بالوقوف وراء توطين «القاعدة» في شبوة، منذ هروبها من البيضاء العام الماضي. وأشارت إلى أن عناصر التنظيم ينتشرون في عدد من مناطق المحافظة، بعلم تلك القوى التي لم تتصادم معهم خلال الفترة الماضية، معتبرة أن «أطراف الصراع الموالين للسعودية والإمارات يستخدمون القاعدة كذريعة لفرض سيطرتهم على المحافظة ونهب ثرواتها». ويأتي ذلك في وقت كشف فيه التنظيم، الذي تلقّى دعماً سعودياً كبيراً خلال السنوات الماضية، الأربعاء الفائت، عن امتلاكه طائرات مسيّرة، ونشر مقطع فيديو جديداً لعمليات نفّذها بواسطة المسيّرات ضدّ مَن وصفهم بـ«الحوثيين». وجاء هذا الإعلان بعد أيام قليلة على لقاء جمع القيادي السلفي والعضو في المجلس الرئاسي، أبو زرعة المحرمي، الذي تربطه علاقة وثيقة بالتنظيم، مع محافظ البيضاء التابع للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، في العاصمة السعودية الرياض.
وكان «المجلس الانتقالي» وحزب «الإصلاح» قد تبادلا الاتهامات بشأن مَن يحرّك تنظيم «القاعدة»، حيث يتّهم الأول أطرافاً داخل «الشرعية» تمّت إزاحتها بموجب القرارات السعودية الأخيرة، بالوقوف وراء «خلط الأوراق»، في حين يُرجع ناشطون مقرّبون ما يجري إلى انقسام داخل «الانتقالي»، ومحاولة فصيل فيه تحريك «القاعدة» لتحقيق أهدافه المنادية بالانفصال.