تبدو المعادلة التي تَحكم قرارات إسرائيل وأفعالها حالياً، والمتمثّلة في معاقبة الفلسطينيّين من دون المخاطرة باستدراج عمليات فدائية جديدة أو ردّ فلسطيني موسّع، حاكمة في كلّ الساحات الفلسطينية، وعلى رأسها مدينة القدس المحتلّة والمسجد الأقصى، حيث تُشخّص استخبارات العدو إمكانية تدحرج أيّ احتكاك هناك، إلى تصعيد لن يكون قطاع غزة بعيداً منه، مع ما يعنيه ذلك من أضرار ممتدّة. ومن هنا، تعمل تل أبيب على اتّخاذ سلسلة إجراءات بهدف الحيلولة دون الاحتكاك مع الفلسطينيّين، سواءً عبر الحدّ من الوجودَين اليهودي والفلسطيني في أكثر من نقطة اشتباك، أو عبر الحدّ بأكبر قدْر ممكن من سياسة التضييق على المصلّين.وسواءً صحّت الأنباء عن نيّة جماعات استيطانية اقتحام الحرم القدسي، وذبح القرابين داخله بمناسبة «عيد الفصح اليهودي»، أم لا، فإنّ معظم المعطيات تؤشّر إلى تَعذُّر فعل كهذا. إذ لا تبدو إسرائيل معنيّة بالانجرار إلى استفزاز غير مسبوق وغير مطلوب ولا طائل منه، في ظرف يُعدّ أكثر من حسّاس بالنسبة إليها، ويستبطن احتمال اشتعال المناطق الفلسطينية كافة، وعلى رأسها قطاع غزة. وعليه، يُرجّح أن تمنع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أيّ استفزاز من ذلك النوع، بل وأن تعمد إلى منع المستوطنين من الإتيان بأفعال كان الاحتلال حتى وقت قريب يرعاها ويؤمّنها، خاصة في يوم الجمعة الثاني من شهر رمضان. كما سيكون العدو معنيّاً، نسبياً، بتقديم تسهيلات للفلسطينيّين، من أجل تخفيف حالة الاحتقان لديهم، ومنعهم من تصعيد حالة الاشتباك.
بناءً على ما تَقدّم، يمكن تفسير مسارعة مكتب رئيس حكومة العدو، نفتالي بينيت، أمس، إلى التنصّل من «رواية الذبح»، بالقول إنّ «المزاعم التي ادّعت أن هناك يهوداً ينوون ذبح القرابين في هار هابيت (الحرم)، كاذبة تماماً، وروّجتها تنظيمات فلسطينية وجهات أخرى بغية التحريض وتأجيج الخواطر وارتكاب عمليات». لكنّ خلافاً لتعليق بينيت، أعلنت الشرطة الإسرائيلية، في وقت لاحق، إبعاد المسؤول عن نشر دعوات إلى تقديم القرابين في الحرم القدسي، عن البلدة القديمة، حتى منتصف أيار.