دمشق | أطلقت القوات العراقية عملية لبناء جدار إسمنتي، تقول الحكومة الاتحادية في بغداد، إن هدفه «وقْف عمليات تنقّل المجموعات الإرهابية» على طرفَي الحدود العراقية - السورية. وأفاد معاون رئيس أركان الجيش العراقي للعمليات، الفريق الركن قيس المحمداوي، بأن «هناك نيّةً لإنشاء جدار إسمنتي على الحدود، إلّا أن التحصينات الموجودة حالياً توفّر الأمن اللازم». وتشمل عمليات البناء، إقامةَ جدار إسمنتي بارتفاع ثلاثة أمتار، سيليه مساحة فارغة بعرض مترين، وجدار من الأسلاك الشائكة، إضافةً إلى أبراج مراقبة مزوّدة بكاميرات حرارية. ومن المقرَّر أن يمتدّ الجدار على طول الحدود مع سوريا، فيما يتمّ تعزيزه بوحدات من الجيش العراقي ستحلّ محلّ قوات حرس الحدود التابعة لوزارة الداخلية.وتقول مصادر في دمشق، لـ«الأخبار»، إن فكرة بناء الجدار نوقشت أثناء الزيارة الأخيرة لرئيس «هيئة الحشد الشعبي» العراقي، فالح فياض، إلى سوريا، حيث تمّ التطرّق خلال لقائه الرئيس بشار الأسد، إلى المسائل الأمنية المشتركة، والتي تتعلّق بضبط الحدود ومكافحة التنظيمات الإرهابية الموجودة في تلك المنطقة، وهو ما يؤشّر إلى قبول دمشق التي ترغب في وقف تدفّق الإرهابيين من حدودها الشرقية.
وقْف علميات التهريب يُعدّ من الأسباب الرئيسة لبناء الجدار، فيما تعتبر مصادر كردية معارضة لـ«قوات سوريا الديموقراطية» اختيارَ منطقة سنجار المقابِلة للأراضي التي تسيطر عليها الأخيرة في ريف محافظة الحسكة الجنوبي، خطوة لـ«خنْق أحلام قسد» وعزْلها عن مناطق حضور «حزب العمّال الكردستاني»، بهدف منْع تدفُّق مقاتليه لإسنادها متى استدعت الحاجة، فضلاً عن أن الجدار المذكور سيقطع طرق التهريب التي تعتمد عليها في تأمين مصادر تمويل ذاتي. وسيمتدّ المشروع في مرحلته الأولى، وفق معلومات «الأخبار»، ما بين ضفّة الفرات الشرقية، وضفّة نهر دجلة التي تشكّل جزءاً من الحدود المشتركة شمال شرق محافظة الحسكة، وهو ما يعني بالضرورة أن «قسد» ستكون أكبر الخاسرين، مع الإشارة إلى أن الحدود الشمالية مغلقة بجدار أقامته تركيا. ومردّ ذلك إلى غياب تنظيم «داعش» عن مناطق غرب سنجار (شرق الشدادي)، منذ سيطرة «قسد» على المنطقة قبل ست سنوات، إذ ينصبّ تركيز خلايا التنظيم على مناطق ريف دير الزور الواقعة شرق الفرات.
ولا يبدو واضحاً ما إذا كانت بغداد ستذهب بمشروعها إلى مناطق غرب الفرات، والتي ستقابل في جزء منها الأراضي التي تحتلّها القوات الأميركية والفصائل الموالية لها في التنف والركبان. لكن تأكيد العراق، من خلال تصريحات ضباطه الرفيعي المستوى، على نيّة إغلاق كامل الحدود مع سوريا بالجدار، سيعني أيضاً عزلاً لمخيّم الركبان، إلى جانب وقْف حركة تهريب قطعان الماشية التي يسطو عليها «داعش» سعياً منه إلى تأمين مصادر تمويل لخلاياه المنتشرة في البادية.
وعليه، فإن الخاسرَين من المشروع العراقي غرب الفرات، سيكونان كلاً من «داعش» والفصائل الموالية لواشنطن، من مِثل «جيش مغاوير الثورة»، إذ إن استمرار العلاقة التجارية بين الطرفين، والتي تدرّ أموالاً في خزائن كل منهما، يتطلّب «حدوداً منفلتة» تضمن طرق تهريب ما يبقي كل منهما على خريطة الميدان السوري. ولا يمكن الحديث، هنا، عن «عزل لقاعدة التنف»، ولا سيما أن القوات الأميركية والبريطانية ستجد طريقاً نحو عقْد اتفاق مع بغداد للإبقاء على طرق برّية تصل نحو القاعدة المحسوبة على «التحالف الدولي ضدّ داعش».