أعلنت قناة «الجزيرة» القطرية أن حكومة التوافق الفلسطينية رفضت استقبال حوالة مالية أولى من قطر قدرها 20 مليون دولار، كان من المقرر أن تغطي فاتورة رواتب موظفي حكومة «حماس» السابقة.
إعلان أثار حفيظة حكومة التوافق التي نفى المتحدث باسمها، إيهاب بسيسو، الخبر، مؤكداً أن الحكومة لم تتلقّ حتى الآن أي حوالة. وعبّر بسيسو عن استياء حكومته من «هذه الأخبار التي تفتقر إلى الصحة والدقة وتعمل على تعكير أجواء المصالحة وخلق حالة توتر لدى المواطنين، لأنها تتعلق بلقمة عيشهم وقوتهم اليومي»، علماً بأن تلك الحوالة جرى الاتفاق عليها بين رئيس الوزراء رامي الحمدالله ونظيره القطري عبد الله بن ناصر.
وليس واضحاً بعد سبب «تأخر الحوالة» أو «رفض استقبالها»، في حين يربط مراقبون الأمر بظروف عدة؛ منها الوضع المتوتر سياسياً بعد فقدان أثر ثلاثة مستوطنين إسرائيليين ورد فعل حكومة بنيامين نتنياهو على الحدث، والأزمة التي اشتعلت بين رئيس السلطة محمود عباس وحركة «حماس» جراء ذلك.
في المقابل، أفصحت مصادر فلسطينية عن أن جزءاً من الأزمة نتيجته تخوف البنوك الفلسطينية من استقبال الحوالة القطرية وصرف رواتب موظفي «حماس» في غزة، وما ينجم عن ذلك من عقوبات إسرائيلية أو دولية تحت عنوان «دعم الإرهاب»، أو تكرار أزمة البنك العربي في غزة قبل سنوات. يضاف على ذلك أن الحكومة المقالة السابقة لم تعلن رسمياً أنها أرسلت الكشوفات الخاصة بموظفيها وقيمة رواتبهم إلى رام الله حتى اللحظة. يذكر أن الحكومة تحتاج إلى 600 مليون دولار لتسديد رواتب ومستحقات موظفي غزة وأهالي الشهداء والأسرى. كما جرى الحديث عن آلية عمل جديدة وفيها صرف سلف مالية للموظفين عبر البريد الحكومي لتجاوز قضية البنوك.
يشار إلى أن بيانات وأرقاماً صادرة عن وزارة المال في رام الله كشفت، أمس، أن الفلسطينيين لم يتلقّوا أي دعم ومنح مالية من جانب الإدارة الأميركية خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري «مقابل نحو 724 مليون شيكل (206 ملايين دولار) في المدة نفسها من العام الماضي». وتزامن توقف الدعم الأميركي المالي مع توقف المفاوضات الفلسطينية ـــ الإسرائيلية نهاية نيسان الماضي من دون تحقيق أي تقدم، ومن جهة أخرى إعلان إنهاء الانقسام الداخلي بين «فتح» و«حماس»، مع أن واشنطن أعلنت اعترافها بالحكومة الأخيرة.
في سياق فقدان المستوطنين الثلاثة لليوم الثامن على التوالي، وبعد التصريحات التي أطلقها «أبو مازن»، فإن الساحة السياسية الفلسطينية لا تزال تعيش ردود الفعل على أقوال رئيس السلطة. ونقلت وكالات محلية عن عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، اللواء جبريل الرجوب، قوله إنه «يرفض أسر مدنيين إسرائيليين»، لكنه يؤيد «اللغة الوحيدة التي يفهمها الإسرائيليون». وأضاف: «لا أؤيد خطف المدنيين الفلسطينيين أو الإسرائيليين، لكن يبدو أن تل أبيب لا تفهم سوى لغة الخطف لنتمكن من الإفراج عن أسرانا». وهو المضمون نفسه الذي كان الرجوب قد قاله في مقابلة تلفزيونية قبل نحو ستة أشهر.
التصعيد الأكبر جاء على لسان المتحدث باسم «حماس» سامي أبو زهري، الذي اتهم أمس، السلطة بالتعاون مع إسرائيل في حملات الدهم والاعتقالات. وتابع أبو زهري: «تصريحات عباس عن التنسيق الأمني صادمة ولا تعبر عن الفلسطينيين، فمن يتخلى عن المقاومة لا يعزل إلا نفسه». كذلك توعد القيادي الحمساوي صلاح البردويل بقدرة «حماس» على تفجير انتفاضة ثالثة في وجه الاحتلال. وقال البردويل أمس: «حركتنا وجماهير شعبنا قادرة على تفجير انتفاضة ثانية وثالثة، وليس كما يعمل أبو مازن لمنع الانتفاضة»، منبهاً إلى أن الاحتلال يسعى إلى إلغاء المصالحة». ميدانيّاً، اعتقل الجيش الإسرائيلي 30 فلسطينيّاً في الضفة المحتلة أمس، ليرتفع عدد الذين اعتقلوا خلال الأيام السبعة الماضية إلى 280؛ بينهم 200 منتسبون إلى «حماس». وفي غزة، نفذت طائرات حربية إسرائيلية أربع غارات ليلية على مواقع في مناطق مختلفة، كما أفادت مصادر طبية فلسطينية، ما نجم عنها إصابة ثلاثة فلسطينيين بجروح.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)