الحسكة | كما كان متوقّعاً، بدأت خلايا تنظيم «داعش» تطوير نشاطها داخل مخيم الهول، الذي يضمّ عائلات مقاتلي التنظيم، من التركيز على تفعيل «الحِسبة» داخله، إلى هجوم مسلّح واسع وقع مطلع الأسبوع الجاري، استُخدمت فيه أسلحة متوسّطة وخفيفة، وذلك بعد أقلّ من أسبوعين على تسلُّل مسلّحين من «داعش» إليه، واشتباكهم مع عناصر حراسته. وبدأت مؤشّرات الهجوم الأخير بالظهور من خلال قيام عدد من عناصر «داعش» قُبيل العملية، بتنفيذ حُكم الجلد بحقّ امرأتَين داخل «الهول»، ما دفع عناصر «قسد» إلى شنّ حملة مداهمة لإلقاء القبض على الأشخاص الذين نفّذوا الحُكم، الأمر الذي أدّى إلى اندلاع اشتباكات داخل أحد أقسام المخيم. وتفيد مصادر من داخل «الهول»، «الأخبار»، بأن «التنظيم نفّذ هجوماً على عناصر تابعين لقسد كان يقومون بعمليات اعتقال لعدد من القاطنين بين القسمَين الثاني والثالث، مستخدماً الأسلحة الرشاشة وقذائف الأربي جي»، مضيفة أن «مسلّحي داعش أطلقوا 4 قذائف أر بي جي باتجاه مقاتلي قسد، بعد انطلاق الهجوم من القسم الرابع الذي يقطنه نازحون سوريون». كما تفيد المصادر بأن «الاشتباكات أسفرت عن مقتل 4 مدنيين وإصابة آخرين، مع وجود خسائر في صفوف عناصر قسد»، كاشفةً أنه «على الرغم من إعلان الأخيرة ضبط الأمن، والقضاء على المهاجمين، إلّا أن عدداً من عناصر التنظيم لا يزالون متواجدين داخل المخيم، ويشكّلون خطراً على سكانه». وتشير إلى أن «قسد تمنع دخول العاملين في الجمعيات والمنظمات الإنسانية إلى الهول منذ 17 الشهر الجاري، في ظلّ تنفيذ اعتقالات داخل الأقسام العراقية، شملت ما لا يقلّ عن 90 شخصاً»، مُتوقّعة أن تكون «هذه الاعتقالات قد جرت بالتنسيق مع لجنة أمنية عراقية أقامت في المخيّم لأكثر من عشرة أيام».
يبدو أن معنويات التنظيم ارتفعت بعد نجاحه في فكّ احتجاز المئات من عناصره من سجن الثانوية الصناعية

من جهتها، تعلّق مصادر عسكرية ميدانية على هجوم «داعش» الأخير بالقول إن «معنويات عناصر التنظيم ارتفعت بشكل كبير بعد نجاحه في فكّ احتجاز المئات من عناصره من سجن الثانوية الصناعية، في ما عُرف بمعركة هدم الأسوار»، معتبرةً، في حديث إلى «الأخبار»، أن «تصاعد تحرّكات التنظيم داخل مخيم الهول، وشنّه الهجوم المسلّح الثاني خلال شهر، ينبئان بتحضيرات يقوم بها لتنفيذ هجوم واسع على المخيم». وتعتقد المصادر أن «هذه الهجمات ليست سوى جسّ نبض لهجوم أكبر، نوّهت له سابقاً مصادر أمنية من داخل قسد»، مُتوقّعةً أن «يغضّ التحالف الدولي النظر عن تحرّكات داعش، لاستثمار الهجوم في الترويج لقدرة التحالف على صدّه لاحقاً، ولإرسال إشارات خطر إلى الدول التي لها رعايا داخل المخيم، لسحب رعاياها من داخله». وكانت «قسد» استقدمت تعزيزات عسكرية كبيرة لمنع خروج الأمور عن السيطرة، بالتزامن مع وصول رتل تابع لـ«التحالف الدولي»، وتحليق للطيران المروحي والمسيَّر الأميركي، لمراقبة تطورات الأوضاع داخل «الهول»، من دون المشاركة في الاشتباكات. وترافق ذلك مع إعلان قوات «الأسايش» الكردية، «حظر تجوال في مخيم وبلدة الهول، لإنجاز عمليات تفتيش»، في وقت كشفت وسائل إعلام تابعة لـ«قسد» أن «عناصر داعش الذين نفّذوا الهجوم كانوا يرتدون زيّ قسد، وتمكّنوا من دخول المخيم بأسلحتهم وذخائرهم»، لتعود وتناقض نفسها بالتأكيد أن «العناصر المتسلّلين دخلوا بمساعدة إحدى المنظمات العاملة في الشأن الإنساني، بعد تخطيط مسبق».
وجاء الهجوم بعد يوم واحد من إنهاء لجنة من وزارتَي الداخلية والهجرة العراقيتَين أعمالها للبدء بعملية نقل جديدة لعدد من الأسر العراقية من مخيم الهول، إلى مخيم جدعة في الموصل داخل الحدود العراقية. ومن المتوقّع أن تبدأ عمليات ترحيل 800 عائلة عراقية مطلع شهر نيسان، كدفعات أولى، على أن تستمرّ عمليات النقل تباعاً بالتنسيق مع «قسد»، لإخلاء كلّ العوائل العراقية الراغبة في مغادرة «الهول». وفي هذا الإطار، أفاد المتحدث باسم وزارة الهجرة العراقية، علي عباس، في تصريحات إعلامية، بأن «لجنة حكومية عراقية وصلت إلى مخيم الهول، لدراسة أوضاع نحو 31 ألف عراقي يقطنون المخيم، واستمعت لمطالبهم، وستبدأ قريباً عمليات نقل دفعات جديدة منهم، بعد نقل 4 دفعات خلال الفترة الماضية، ضمّت نحو 450 عائلة». وأضاف أن «التغيير الوزاري في العراق أثّر على عمليات نقل العوائل، مع وجود إصرار عراقي على إعادة كلّ العراقيين المتواجدين في المخيم إلى بلدهم».