صنعاء | في ظلّ ضائقة اقتصادية يعيشها ملايين اليمنيين، من جرّاء استمرار العدوان السعودي - الإماراتي على بلادهم، وارتفاع معدّلات الفقر والبطالة إلى مستويات قياسية، والمترافقة مع تراجع معدّلات الدخل وتدهور القيمة الشرائية للعملة المحلية، تأثّرت الأسواق اليمنية بتداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية المستمرّة منذ نحو شهر، حيث شهدت أسعار الغذاء والدواء والوقود ارتفاعاً غير مسبوق. موجة الغلاء الجديدة التي ضربت الأسواق، أخيراً، أدّت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة تراوحت بين 20% إلى 30%، والوقود بنسبة 50%، ما دفع حكومة صنعاء إلى عقْد اجتماع خاصّ لمناقشة تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية على الاستقرار التمويني في السوق المحلية، ودرس البدائل المتاحة أمام القطاع الخاصّ اليمني، الذي يتولّى استيراد المواد الغذائية والدواء والوقود، منذ بدء العدوان.وعلى رغم التطمينات التي وجّهتها وزارة التجارة والصناعة للمواطنين في شأن مخزون القمح والحبوب، وتأكيدها أنه يكفي لقرابة نصف عام، واصلت الأسعار ارتفاعها، متأثّرة بارتفاع تكاليف نقل الشحنات التجارية القادمة من الموانئ الجنوبية. ووفقاً لمصادر اقتصادية في صنعاء، تحدّثت إلى "الأخبار"، فإن الغلاء الذي طرأ على السوق المحلية، من شأنه أن يعمّق الأزمة الإنسانية، خصوصاً في ظلّ تراجع المساعدات التي تقدّمها الأمم المتحدة لعشرات آلاف الأسر الفقيرة والمعدمة، وفشل الأخيرة في مؤتمر جنيف، الذي عقد خلال اليومين الماضيين، في حشد المزيد من الدعم المالي، إذ حصلت على 1.3 مليار دولار من مجموع 4.3 مليار تحتاج إليها.
ويستورد اليمن أكثر من 3 ملايين طن من القمح والدقيق، وقرابة المليون طن من الحبوب الأخرى، سنوياً، فيما لا يتجاوز القمح الأوكراني نسبة 23% من إجمالي واردات البلاد. وبحسب المصادر ذاتها، فإن معظم شحنات القمح تم شراؤها قبل الحرب الروسية - الأوكرانية، وتصل تباعاً إلى الموانئ اليمنية، فيما استبعدت الغرف التجارية والصناعية في صنعاء حدوث أزمة تموينية في أسواق المواد الغذائية خلال الفترة المقبلة، متعهّدة بتثبيت الأسعار خلال شهر رمضان المقبل مراعاةً لظروف المواطنين.
واشتكى تجّار صنعاء من التأخير المتعمّد الذي تتعرّض له وارداتهم القادمة عبر الموانئ الجنوبية، مؤكدين تعرّضهم لمضايقات كبيرة نتيجة استيرادهم عبر موانئ عدن، أبرزها عدم إفراغ السفن لأسابيع، ممّا يؤدّي إلى تحمّلهم غرامات تأخير كبيرة، فضلاً عن استغلالهم من قِبَل حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، التي رفعت سعر الدولار الجمركي بنسبة 100% على كافة الواردات الواصلة إلى الموانئ الخارجة عن سيطرة صنعاء، متجاهلةً تداعيات القرار على المواطنين.
على رغم تطمينات وزارة التجارة والصناعة في شأن مخزون القمح والحبوب، واصلت الأسعار الارتفاع


يأتي ذلك في ظلّ تنافس الميليشيات الموالية للتحالف السعودي - الإماراتي بفرض جبايات غير قانونية باهظة على ناقلات الشحن التجاري التي تمرّ من الطرق التي تربط بين مناطق سيطرة صنعاء والموانئ الجنوبية. ووفقاً لتقرير صادر عن المركز الإعلامي للمحافظات الجنوبية، الأربعاء الماضي، فإن أكثر من 90 نقطة تفتيش تابعة لميليشيات موالية للإمارات، وأخرى تابعة للسعودية وحكومة هادي، تفرض جبايات كبيرة تصل إلى 2500 دولار على شاحنات نقل المواد الغذائية، و4000 دولار على صهاريج المشتقات النفطية. وحمّل المركز، في تقريره، دول العدوان وحكومة هادي، مسؤولية منح الميليشيات المسلحة الضوء الأخضر لممارسة الابتزاز وفرض الجبايات بقوّة السلاح، بهدف رفع تكلفة الواردات ومضاعفة معاناة اليمنيين.
وبعكس صنعاء التي أسهمت أزمة المشتقات النفطية نتيجة منع تحالف العدوان سفن الوقود من الوصول إلى ميناء الحديدة، بارتفاع تكاليف نقل الشحنات التجارية وانعكست على أسعار الغذاء والخدمات، تعيش المحافظات الجنوبية أزمة خانقة بسبب شحّ الوقود الذي ارتفع سعره بنسبة 40% عن الشهر الماضي في عدد من المدن الجنوبية، بالتزامن مع ارتفاع أسعار الغذاء بمعدّلات تفوق ما هو مسجّل في صنعاء، وهو ما أدّى إلى موجة سخط شعبية في مدن عدن ولحج وأبين.
وبالتزامن مع اتهام «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، حكومة هادي، رسمياً، بالوقوف وراء الأزمات الأخيرة، استأنفت «الهبّة الحضرمية» الموالية لـ«الانتقالي»، تصعيدها ضد حكومة هادي في وادي حضرموت، ونشرت المئات من مسلحيها القبليين في محيط شركة المسيلة النفطية، حيث تمكنت، خلال اليومين الماضيين، من إيقاف إنتاج النفط من قطاع المسيلة بشكل كامل، مطالبةً بتخفيض الأسعار وتراجع حكومة هادي عن قرار رفع أسعار المشتقات النفطية في حضرموت التي بلغت 35 دولاراً للصفيحة، ما حدا بحكومة هادي إلى الاستنجاد بقائد القوات السعودية في حضرموت، العميد فواز بن شوية، لوقف تحركات القبائل في الوادي والصحراء وإعادة إنتاج النفط من وادي حضرموت.