طرابلس | تبدو مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، ستيفاني وليامز، في موقف لا تُحسد عليه. فعلى رغم حماستها وإصرارها على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية سريعاً، إلّا أنّ هذا المسار يواجه عقبات كبيرة في الداخل الليبي، تبدأ من السلطة الموجودة في الحكم، ولا تنتهي بالمرشّحين للانتخابات الرئاسية، فضلاً عن الأوضاع الأمنية المضطربة. ما ترغب فيه وليامز، أوّلاً، هو التوقّف عن وضع أيّ مراحل انتقالية جديدة، بما فيها إنهاء مهام حكومة فتحي باشاغا، التي اختارها البرلمان الليبي أخيراً، والبدء على الفور بعملية تهدف إلى إجراء الانتخابات. وتسعى وليامز، بذلك، إلى تسيير الأعمال لفترة انتقالية، عبر ما تبقّى من حكومة عبد الحميد الدبيبة، سواء الوزراء الذين لم يقدّموا استقالتهم، أو من نوّابهم.وبالتالي، تهدف المبادرة الأُممية الجديدة إلى إجراء الانتخابات قريباً، عبر لجنة "توافقية" من مجلسَي النواب والدولة، تضع قاعدة دستورية لهذا الهدف. إلّا أنّ الأزمة الحقيقية تكمن في التواصل مع جميع الأطراف من أجل استعادة زخم الانتخابات، التي تواجه صعوبات عديدة، في ظلّ التلميحات المبطّنة باستخدام العنف واللجوء إلى القوة. ويأتي ذلك في وقت يشعر فيه رئيس الحكومة الجديد، فتحي باشاغا، بأنّ تسلّمه مقار الحكومة في طرابلس بات مسألة وقت، وخصوصاً مع تسلّم أتباعه مقارّ الحكم تباعاً، بداية من الشرق، على أن يتسلّموا مقارّ الجنوب قريباً، في حين دفعت الاستقالات داخل حكومة الدبيبة، باشاغا وحلفاءه إلى الشعور بالقوة في الفترة الحالية.
الدبيبة يشكّل لجنة لقيادة حوار بشأن مشروع قانون الانتخابات


من هذا المنطلق، تخوض ستيفاني وليامز مفاوضات شاقّة مع حكومتَين؛ الأولى بقيادة الدبيبة الذي انتهت ولايته في شهر كانون الأول الماضي، بعد تعثّره في إجراء الانتخابات في موعدها يوم 24 كانون الأول كما كان مقرراً، والثانية مع باشاغا ورئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، والمشير خليفة حفتر، إذ يتفاوض الثلاثي مجتمعاً من أجل التوصّل إلى اتفاق. كما أنّ المجتمع الدولي بات منفتحاً على التواصل مع الحكومتين، على عكس ما حدث سابقاً في الأزمات، في ظلّ الانحياز لأحد الأطراف. ويأتي ذلك فيما تُبدي الأطراف العربية الفاعلة، وفي مقدّمتها مصر والجزائر والسعودية والإمارات، ترحيبها بإجراء الانتخابات، على أن تكون الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في اليوم نفسه. ويظهر ذلك في ظلّ انحيازٍ مصري خليجي واضح لحكومة باشاغا، الذي زار القاهرة ثلاث مرّات سرّاً منذ انتخابه، للقاء مسؤولين في جهات سيادية. كما يبدو الحياد الجزائري ظاهراً، على المستوى الرسمي، من أجل محاولة تقريب وجهات النظر بين الطرفين.
لذا، ترى الدبلوماسية الأميركية أنّ المسار الطبيعي، في الوقت الحالي، يجب أن يكون عبر صناديق الاقتراع، والإسراع بهذه الخطوة مهما كانت الظروف، وهو رأيٌ يرفضه الجميع بمن فيهم عبد الحميد الدبيبة، فيما تلتزم مفوّضية الانتخابات الصمت تجاه كل المسارات المعلنة. إلّا أنّ التحرّكات الأممية التي تقودها وليامز، ويشارك فيها السفير الأميركي لدى ليبيا والمخابرات المصرية، لم تتوصّل الى اتفاقات حاسمة، ولا سيما أنّ غالبية الجلسات والنقاش في تفاصيل المبادرة كانت تعود إلى النقطة الصفر بشأن الدستور وآلية التعامل معه، وصلاحيات الرئيس والحكومة.
في غضون ذلك، وتأكيداً على تمسّكه بمهامه رئيساً للحكومة، أعلن عبد الحميد الدبيبة تشكيل لجنة من شخصيات مستقلّة لإجراء حوار لجمع ملاحظات حول مشروع قانون الانتخابات والقاعدة الدستورية لها، من دون بيان الجهة التي ستعتمدها.