تُطوى قضية الأمير حمزة ــــ في شقّها المتعلّق بهذه الشخصيّة تحديداً ــــ بـ"حلّ عائلي" لا يَحتمل تدخّل أحد
لكن إعادة إحياء هذه القضية تحمل أبعاداً متعدّدة، سواء على الصعيد الداخلي المحتقن بفعل الوضع الاقتصادي وتداعيات جائحة "كورونا"، وفي الوقت ذاته التسريبات عن ثروة الملك واستثماراته العائلية الخارجية، أو على الصعيد الخارجي المتعلّق بملفّات المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية واللقاءات العلنية مع إسرائيل ومآل المشاريع المشتركة (الماء مقابل الكهرباء)، عدا عن الدور الأردني القادم، سواء في سوريا أو العراق، والتحدّيات الكبيرة في الإقليم، والتي يحتاج التعامل معها إلى إرساء هدوء داخلي في بيت الحُكم، لن يتحقّق إلّا بتطبيع العلاقة مع حمزة. ولا يُنظر في ذلك إلى كون الأخير على صواب أو على خطأ، بل إلى ضرورة عدم ترك الملفات مفتوحة حتى لا يُعاد استخدامها من جديد، إضافة إلى أن "الصُلحة" ستأتي في مصلحة النظام الأردني إن استجاب للضغوط عليه من أجل إطلاق سراح عوض الله أو جعله يكمل محكوميته في مكان خارجي، وهي ضغوط في جوهرها أميركية، وإن لم تكن بالضرورة من البيت الأبيض. وفي ظلّ الصداقات المباشرة التي تجمع عبد الله مع أعضاء في الكونغرس وشخصيات أخرى، يمكن عدّ خطواته الأخيرة هذه نوعاً من التخادم، شأنها شأن كشف مراسلات حمزة ــــ عوض الله العام الماضي.
هكذا، تُطوى قضية الأمير حمزة ــــ في شقّها المتعلّق بهذه الشخصية تحديداً ــــ بـ"حلّ عائلي" لا يَحتمل تدخّل أحد، جرى من خلاله "حرق" حمزة تماماً، بالاستثمار في احترام المجتمع الأردني المحافظ بطبعه، لمثل خطوط حمر كهذه، علماً بأن بعض التيّارات المؤثّرة في الأردن كانت قد تجاوزت عن مسألة الإقامة الجبرية لحمزة، والتحكّم بتحرّكاته وتحرّكات عائلته، على رغم أن القيود بدت أقلّ حدّة في حالة عوض الله، الذي قد يُسمح له بالمغادرة. الملاحظ أن الموالاة والمعارضة على السواء أقرّت بـ"صدق" رسالة الاعتذار، وتحدّثت عنها بأريحية كما لو أنها بداية "العودة الميمونة للابن الضالّ". وفيما لم يلقَ الحدث صدى كبيراً في الصحافة الأجنبية أو المحلّية على السواء، فالأكيد أن عبد الله الذي أعاد أخيراً هندسة البيئة السياسية عبر لجنة ملكية لتحديث المنظومة، وتفصيل قانونَي أحزاب وانتخابات يتوافقان مع رؤيته، وانتقل بعد ذلك إلى ورشات اقتصادية يقيمها بعيداً عن الحكومة، وصل إلى مرحلة ترتيب العائلة لضمان عدم تكرار ما حدث من ناحية، وليكون العقاب رادعاً عن التفكير في زعزعة حُكمه وحُكم نجله القادم.