لا تغيب سوريا عن التغطية الغربية لأحداث العراق رغم تصدّر الأخيرة أولويات الصحف والتقارير منذ أيام. فالربط بين البلدين يبدأ، حسب البعض، باسم المجموعة ــ الحدث نفسه: «الدولة الإسلامية في العراق والشام». والى جانب إبداء الخشية على مستقبل العراق وسوريا والمنطقة، انتقد بعض المعلّقين بشكل مباشر «تمويل حلفاء واشنطن» لتلك المجموعة المتطرفة، داعين الى استخلاص العبر من التجربة السورية.
وحول تلك التجربة، نقلت بعض وسائل الإعلام شهادات ممن واجهوا «داعش» وجهاً لوجه في ميادين القتال. شبكة «سي بي سي» الكندية قابلت بعض ضبّاط الجيش السوري في حلب الذين قالوا إنهم «أساؤوا تقدير قوة داعش في بداية المعارك لناحية جاهزية مقاتلي التنظيم ونوعية سلاحه». «نحن نقاتل جيشاً منظماً، جيشاً من النخبة، لديه سلاح متطور»، يروي أحد الضباط، فيما أشار آخر الى أن «جبهة النصرة وداعش لا تختلف إحداهما عن الأخرى سوى في التسميات»، إذ لديهما الهدف ذاته بإقامة دولة إسلامية في المنطقة. التقرير الكندي لفت أيضاً إلى «دروس في العلاقات العامة تعلّمتها داعش والنصرة من سوريا»، خصوصاً في المناطق التي شهدت انتفاضة شعبية ضدهما، ما ساهم في تقدم الجيش السوري فيها. «رغم معاناة بعض السوريين من سطوة نظام بشار الأسد، يبدو أنهم فضّلوا قسوة النظام على الدولة الإسلامية»، يقول التقرير الصحافي. درس آخر من الحرب السورية، هو حول الاستراتيجية التي اتبعتها «داعش» في «تحويل المناطق السكنية الى قواعد عسكرية حيث تنقّل مقاتلوها بين المباني بحرية وحفروا الأنفاق واستخدموها في هجماتهم».

من سخرية القدر
أن تكون إيران هي الحليف الأفضل للولايات المتحدة


شهادات أخرى جمعها مراسل «ذي نيويورك تايمز» الأميركية تاناسيس كامبانيس من مقاتلي «الجيش السوري الحر» في غازي عنتاب على الحدود السورية التركية. هؤلاء أيضاً وصفوا «مفاجأتهم» لدى دخول قوات «داعش» الى منبج (ريف حلب) «مع مقاتلين مراهقين يفجّرون أنفسهم بسيارات مفخخة». أحد شيوخ «الجيش الحر» يعترف للصحيفة الأميركية بأن هؤلاء المقاتلين كانوا «يكفّروننا ويهاجموننا من مختلف الجهات». مقال الصحيفة الأميركية يشير إلى أنّ «داعش» كـ«المغنطيس تشدّ اليها مقاتلين من مختلف أنحاء العالم». «عناصر داعش هم أكثر تدريباً وتسلّحاً وتمويلاً من أي جيش وطني في سوريا والعراق»، يضيف.
وحول هذه النقطة، كتب بعض المعلّقين الأميركيين متهمين «حلفاء واشنطن، المملكة العربية السعودية وقطر وغيرهما من بلدان الخليج» بتمويل المجموعات المتطرفة، ومن بينها «داعش»، في معاركها في سوريا. جوش روغن على موقع «ذي دايلي بيست» يشير الى أن «داعش» «تلقت الدعم المالي على مدى سنوات من مموّلين في الكويت والسعودية وقطر، وهم حلفاء الولايات المتحدة الذين لديهم أجندات مزدوجة في حربهم على الإرهاب». وهذا ما كرره روبرت دريفوس في مجلة «ذي نايشن» الأميركية الذي رأى أنه «بات واضحاً الآن أن الحرب الأهلية في سوريا والعراق هي واحدة». الدرس الذي يدعو دريفوس الى استخلاصه هو أن إدارة باراك أوباما كانت على حق في عدم تزويد المعارضة السورية بأسلحة ثقيلة ومتطورة، إذ إنها، كما حصل في العراق، ستنتهي في أيدي «داعش» و«القاعدة». دريفوس يضيف أنّه إذا قررت واشنطن محاربة «داعش» عسكرياً، فإن ذلك سيزيد من قوتها، ويختم بالقول إن «من سخرية القدر أن تكون إيران هي الحليف الأفضل للولايات المتحدة في الحرب الأهلية السورية ــ العراقية».